كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

§أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ كَانَ أَحَدَ أَعْلَامِ الْمُتَوَكِّلِينَ وَإِمَامَ الْمُتَجَرِّدِينَ تَأَدَّبَ بِحَاتِمٍ الْأَصَمِّ وَعَلِيٍّ الرَّازِيِّ الْمَذْبُوحِ لَهُ الرِيَاضَاتُ الْمَشْهُورَةُ وَالسِّيَاحَاتُ الْمَذْكُورَةُ دَخَلَ أَصْبَهَانَ وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا , وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ , وَصَحِبَهُ جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بِمَكَّةَ وَبِالْحِجَازَ مُدَّةً مَدِيدَةً وَكَذَلِكَ صَحِبَهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ بِالْبَادِيَةِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ , ابْنِي يَحْكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكِسَائِيِّ الْمُقْرِئِ قَالَ: " §كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَيُّهَا الْعَاصِي بَلَغَنَا أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ كَانُوا بِالْبَادِيَةِ يُقَلِّبُونَ الرَّمَلَ فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ تُطْعِمَنَا خَبِيصًا عَلَى لَوْنِ هَذَا الرَّمَلِ فَإِذَا هُمْ بِأَعَرَابِيٍّ بِيَدِهِ طَبَقٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَوَضَعَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ طَبَقًا عَلَيْهِ خَبِيصٌ حَارٌّ فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قَدْ كَانَ ذَاكَ , قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَانَ الثَّلَاثَةُ عُثْمَانُ بْنُ صَخْرٍ الزَّاهِدُ أَسْتَاذُ أَبِي تُرَابٍ , وَأَبُو تُرَابٍ , وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ وَكَانَ هُوَ الَّذِي دَعَا "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا , ثنا أَبُو -[46]- تُرَابٍ قَالَ: قَالَ حَاتِمٌ , عَنْ شَقِيقٍ , " §لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَاشَ مِائَتَيْ سَنَةٍ لَا يَعْرِفُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ لَمْ يَنْجُ مِنَ النَّارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحَدُهَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَالثَّانِي مَعْرِفَةُ نَفْسِهِ وَالثَّالِثُ مَعْرِفَةُ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ وَالرَّابِعُ مَعْرِفَةُ عَدُوِّ اللَّهِ وَعَدُوِّ نَفْسِهِ , وَتَفْسِيرُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ أَنْ تَعْرِفَ بِقَلْبِكَ أَنْ لَا مُعْطِيَ غَيْرُهُ، وَلَا مَانِعَ غَيْرُهُ وَلَا نَافِعَ غَيْرُهُ وَلَا ضَارَّ غَيْرُهُ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ النَّفْسِ فَأَنْ تَعْرِفَ نَفْسُكَ أَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تَسْتَطِيعُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ , وِخِلَافُ النَّفْسِ أَنْ تَكُونَ مُتَضَرِّعًا إِلَيْهِ , وَأَمَّا مَعْرِفَةُ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَمْرَ اللَّهِ عَلَيْكَ وَأَنَّ رِزْقَكَ عَلَى اللَّهِ وَأَنْ تَكُونَ وَاثِقًا بِالرِّزْقِ مُخْلِصًا فِي الْعَمَلِ , وَعَلَامَةُ الْإِخْلَاصِ أَلَا يَكُونَ فِيكَ خَصْلَتَانِ: الطَّمَعُ وَالثَّنَاءُ , وَأَمَّا مَعْرِفَةُ عَدُوِّ اللَّهِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ عَدُوًّا لَكَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْكَ شَيْئًا إِلَّا بِمُحَارَبَتِهِ وَالْمُحَارَبَةُ فِي الْقَلْبِ أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا مُجَاهِدًا نَافِيًا لِلْعَدُوِّ "

الصفحة 45