كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مِقْسَمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ حَكَّوَيْهِ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: " §لَا تَسْتَبْطِئِ الْإِجَابَةَ وَقَدْ سَدَدْتَ طُرُقَاتِهَا بِالذُّنُوبِ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: اتْرُكِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ تَتْرُكَكَ , وَاسْتَرْضِ رَبَّكَ قَبْلَ مُلَاقَاتِهِ وَأَعْمِرْ بَيْتَكَ الَّذِي تَسْكُنُهُ قَبْلَ انْتِقَالِكَ إِلَيْهِ يَعْنِي الْقَبْرَ "
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: «إِنَّمَا §يَنْبَسِطُونَ إِلَيْهِ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ لَدَيْهِ»
وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: " §مَنْ كَانَ قَلْبُهُ مَعَ الْحَسَنَاتِ لَمْ تَضُرَّهُ السَّيِّئَاتُ وَمَنْ كَانَ مَعَ السَّيِّئَاتِ لَمْ تَنْفَعْهُ الْحَسَنَاتُ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: لَوْ رَأَتِ الْعُقُولُ بِعُيونِ الْإِيمَانِ نُزْهَةَ الْجَنَّةِ لَذَابَتِ النُّفُوسُ شَوْقًا وَلَوْ أَدْرَكَتِ الْقُلُوبُ كُنْهَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ لِخَالِقِهَا لَانْخَلَعَتْ مَفَاصِلُهَا إِلَيْهِ وَلَهًا عَلَيْهِ وَلَطَارَتِ الْأَرْوَاحُ إِلَيْهِ مِنْ أَبْدَانِهَا دَهَشًا فَسُبْحَانَ مَنْ أَغْفَلَ الْخَلِيقَةَ عَنْ كُنْهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَلْهَاهُمْ بِالْوَصْفِ عَنِ حَقَائِقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ رِيَاءً وَلَا تَتْرُكْهُ حَيَاءً , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: أَعْظَمُ الْمُصِيبَةِ عَلَى الْحَكِيمِ فِي الْيَوْمِ أَنْ يَمْضِيَ عَنْهُ لَا يَأْتِيهُ فِيهِ هَدِيَّةٌ مِنْ رَبِّهِ يَعْنِي: حِكْمَةً جديدةً "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّ الْمُذَكِّرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: «§الدُّنْيَا أَمِيرٌُ مَنْ طَلَبَهَا وَخَادِمُ مَنْ تَرَكَهَا، الدُّنْيَا طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ، فَمَنْ طَلَبَهَا رَفَضَتْهُ، وَمَنْ رَفَضَهَا طَلَبَتْهُ، الدُّنْيَا قَنْطَرَةُ الْآخِرَةِ، فَاعْبُرُوهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا، لَيْسَ مِنَ الْعَقْلِ بُنْيَانُ الْقُصُورِ عَلَى -[54]- الْجُسِورِ، الدُّنْيَا عَرُوسٌ وَطَالِبُهَا مَاشِطَتُهَا، وَبِالزُّهْدِ يُنْتَفُ شَعْرُهَا، وَيُسَوَّدُ وَجْهُهَا، وَيُمَزَّقُ ثِيَابُهَا، وَمَنْ طَلَّقَ الدُّنْيَا فَالْآخِرَةُ زَوْجَتُهُ , فَالدُّنْيَا مُطَلَّقَةُ الْأَكْيَاسِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا أَبَدًا، فَخَلِّ الدُّنْيَا وَلَا تَذْكُرْهَا، وَاذْكُرِ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَهَا، وَخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا يُبَلِّغُكَ الْآخِرَةَ، وَلَا تَأْخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا يَمْنَعُكَ الْآخِرَةَ»
الصفحة 53