كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: " §تَمَامُ الْمَغْفِرَةِ فِي ثَلَاثٍ: حُسْنِ الْقَبُولِ وَتَقْلِيدِ الْعِلْمِ وَبَذْلِ الْفَضْلِ , وَتَفْسِيرُ حُسْنِ الْقَبُولِ أَنْ تَسْمَعَ بَيِّنَةَ الِاسْتِفَادَةِ وَتَنْظُرَ الِإرَادَةَ , وَتَقْلِيدُ الْعِلْمِ أَنْ لَا تَهُزُّ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ عَالِمٌ بِمَا تَسْمَعُهُ فَهَذَا يُدْخِلُهُ فِي الْكِبْرِ وَيُفْسِدُ الْعَمَلَ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: عَدَمُ التَّوَاضُعِ مَنْ فَاتَهُ خِصَالٌ: عِلْمُهُ بِمَا خُلِقَ لَهُ وَمَا خُلِقَ مِنْهُ وَمَا يَعُودُ إِلَيْهِ قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: عَلَامَةُ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ ثَلَاثَةُ خِصَالٍ: مَنْ آثَرَ رِضَاهُ وَقَارَنَ تُقَاهُ , وَخَالَفَ هَوَاهُ يَعْنِي رِضَا اللَّهِ عَلَى رِضَا نَفْسِهِ وَقَارَنَ تُقَاهُ يَعْنِي جَعَلَ التُّقَى قَرِينَهُ فَلَا يُزَايِلُهُ فِي حَالِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ وَسُرُورِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ , وَخَالَفَ هَوَاهُ يَعْنِي فِيمَا يُبْعِدُهُ عَنِ اللَّهِ وَيُنْقِصُهُ حَظَّ الْجَزَاءِ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَمْرٍو , ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوِيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: " §إِنْ أَعْرَضْتَ عَنَّا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ اسْتَعْطَفْنَاكَ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: إِنْ تَلَقَّانِي بِمَكْرٍ مِنْهُ اقْتِدَارًا تَلَقَّيْتُهُ بِذُلٍّ مِنِّي افْتِقَارًا , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: التَّائِبُ يَبْكِيهِ ذَنْبُهُ وَالزَّاهِدُ تَبْكِيهِ غُرْبَتُهُ وَالصِّدِّيقُ يَبْكِيهِ خَوْفُ زَوَالِ الْإِيمَانِ , قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: فِكْرَتُكَ فِي الدُّنْيَا تُلْهِيكَ عَنْ رَبِّكَ , وَعَنْ دِينِكَ , فَكَيْفَ إِذَا بَاشَرْتَهَا بِجَمِيعِ جَوَارِحِكَ قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: اوْثِقْ عَلَى جِرَابِ إِيمَانِكَ لَا يَقْرِضُهُ الْفَأْرُ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: تَضَاحَكَتِ الْأَشْيَاءُ إِلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْعَارِفِينَ بِأَفْوَاهِ الْقُدْرَةِ عَنْ مَلِيكِهِمْ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ آثَارِ صُنْعِهِ فِيهَا وَيُعَايِنُونَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِهِ مَعَهَا فَلَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ وَعِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مُدَّكِرٌ , وَقَالَ فِي دُعَائِهِ: إِلَهِي ضَمِّنْ أَعْمَالِي غَنِيمَةَ عُقْبَاهَا وَامْنَعْ نَفْسِي لَذَاذَةَ دُنْيَاهَا , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: سُبْحَانَ مَنْ يَبِيعُ الْحَبِيبَةَ بِالْبَغِيضَةِ يَعْنِي الدُّنْيَا قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , -[55]- يَقُولُ: الْجَنَّةُ حَبِيبَةُ الْمُؤْمِنِ يَبِيعُهَا مِنْهُ بِالْبَغِيضَةِ يَعْنِي الدُّنْيَا قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: رُبَّمَا رَأَيْتُ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: عِشْرِينَ سَنَةً أَطْلُبُ رَبِّي وَيْحَكَ، رَبُّكَ لَا يَجْبُرُكَ عَلَى تَضْيِيعِ نَفْسِكَ أَبَدًا، اطْلُبْ نَفْسَكَ حَتَّى تَجِدَهَا فَإِذَا وَجَدْتَهَا فَقَدْ وَجَدْتَ رَبَّكَ , قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ: وَاعَجَبًا كُلُّ مَنْ جَاءَنِي بِكَبَّةٍ وَقَدْ ضَاعَ رَأْسُهُ طَلَبْتُهَا فِي سَاعَةٍ , فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ وَرَأْسُ الْكبَةَّ مِنْ غَزَلِي قَدْ ضَاعَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَا فِي طَلَبِهِ فَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ , وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الدُّنْيَا لَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جُنَاحَ بَعُوضَةٍ وَهُوَ لَا يَسْأَلُكَ مِنْهَا جُنَاحَ بَعُوضَةٍ "
الصفحة 54