كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصُ فِي كِتَابِهِ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: كَانَ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيُّ يَجِيءُ إِلَى مَنْزِلِنَا فَيَقُولُ: " §اخْرُجْ مَعِي نَصْحُنْ فَأَقُولَ لَهُ: تُخْرِجُنِي مِنْ عُزْلَتِي وَأَمْنِي عَلَى نَفْسِي إِلَى الطُّرُقَاتِ وَالْآفَاتِ وَرُؤْيَةِ الشَّهَوَاتِ؟ فَيَقُولُ: اخْرُجْ مَعِي وَلَا خَوْفَ عَلَيْكَ، فَأَخْرُجُ مَعَهُ فَكَانَ الطَّرِيقُ فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا نَرَى شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَإِذَا حَصُلْتُ مَعَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ قَالَ لِي: سَلْنِي فَأَقُولُ لَهُ: مَا عِنْدِي سُؤَالٌ أَسْأَلُكَ فَيَقُولُ لِي: سَلْنِي عَمَّا يَقَعُ فِي نَفْسِكَ فَتَنْهَالُ عَلَيَّ السُّؤَالَاتُ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا فَيُجِيبُنِي عَلَيْهَا لِلْوَقْتِ ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَعْمَلُهَا كُتُبًا "
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ: كُنْتُ كَثِيرًا أَقُولُ لِلْحَارِثِ: عُزْلَتِي أُنْسِي وَتُخْرِجُنِي إِلَى وَحْشَةِ رُؤْيَةِ النَّاسِ وَالطُّرُقَاتِ؟ فَيَقُولُ لِي: «§كَمْ تَقُولُ لِي أُنْسِي فِي عُزْلَتِي لَوْ أَنَّ نِصْفَ الْخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي مَا وَجَدْتُ بِهِمْ أُنْسًا وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ نَأَى عَنِّي مَا اسْتَوحَشْتُ لِبُعْدِهِمْ»
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: كَانَ الْحَارِثُ كَثِيرَ الضُّرِّ فَاجْتَازَ بِي يَوْمًا وَأَنَا جَالِسٌ، عَلَى بَابِنَا فَرَأَيْتُ فِيَ وَجْهِهِ زِيَادَةَ الضُّرِّ مِنَ الْجُوعِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَمِّ لَوْ دَخَلْتَ إِلَيْنَا نِلْتَ مِنْ شَيْءٍ عِنْدَنَا فَقَالَ: أَوَ تَفْعَلُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَتَسُرُّنِي بِذَلِكَ وَتَبَرُّنِي فَدَخَلْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَخَلَ مَعِي وَعَمَدْتُ إِلَى بَيْتِ عَمِّي وَكَانَ أَوْسَعَ مِنْ بَيْتِنَا لَا يَخْلُو مِنْ أَطْعَمَةٍ فَاخِرَةٍ لَا يَكُونُ مِثْلُهَا فِي بَيْتِنَا سَرِيعًا فَجِئْتُ بِأَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الطَّعَامِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَ لُقْمَةً فَرَفَعَهَا إِلَى فِيهِ فَرَأَيْتُهُ يَلُوكُهَا -[75]- وَلَا يَزْدَرِدُهَا فَخَرَجَ وَمَا كَلَّمَنِي فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ لَقِيتُهُ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ سَرَرْتَنِي ثُمَّ نَغَّصْتَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ «§أَمَّا الْفَاقَةُ فَكَانَتْ شَدِيدَةً وَقَدِ اجْتَهَدْتُ أَنْ أَنَالَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي قَدَّمْتَهُ إِلَيَّ وَلَكِنْ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَلَامَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّعَامُ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِيًّا ارْتَفَعَ إِلَى أَنْفِي زَمَنُهُ فَوْرَةً، فَلَمْ تَقْبَلْهُ نَفْسِي فَقَدْ رَمَيْتُ بِتِلْكَ اللُّقْمَةِ فِي دِهْلِيزِكُمْ وَخَرَجْتُ»

الصفحة 74