كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 10)

وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُتَأَوِّلِ فِي اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورِ خِلَافُ حُكْمِ الْمُتَعَمِّدِ لِاسْتِحْلَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ, وَدَلَّ عَلَى أَنَّ1 مَنْ أَتَى مَحْظُورًا وَادَّعَى فِي ذَلِكَ مَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ الظَّنِّ بِخِلَافِهِ, وَقَالَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ: وَهَذَا لِأَنَّهُ رَأَى صُورَةَ2 النِّفَاقِ, وَلَمَّا احْتَمَلَ قَوْلَ عُمَرَ وَكَانَ لِتَأْوِيلِهِ مَسَاغٌ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ: فِيهِ إنَّ مَنْ نَسَبَ مُسْلِمًا إلَى نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لَا لِهَوَاهُ وَحَظِّهِ لَا يَكْفُرُ, بَلْ لَا يَأْثَمُ, بَلْ يُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ, بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ فَإِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ وَيُبَدِّعُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ وَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ إنَّ مَنْ كَفَّرَ مُسْلِمًا أَوْ نَفَّقَهُ مُتَأَوِّلًا وَهُوَ مِنْ أهل الاجتهاد لم3 يَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ. قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ: وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ, فَيُقَالُ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ التَّأْوِيلِ, فَهُوَ لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا, وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ تَعْزِيرٌ, هَذَا إنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَدُلَّ أَيْضًا, لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا طَلَبَ قَتْلَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَوْ يُقَالُ: لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُقْتَضِي لِقَتْلِهِ, بَلْ ذَكَرَ الْمَانِعَ وَهُوَ شُهُودُ بَدْرٍ, فَدَلَّ عَلَى وُجُودِ الْمُقْتَضِي وَأَنَّهُ لَوْلَا الْمُعَارِضُ لَعَمِلَ بِهِ, وَهُوَ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ مَا وقع. وفي كتاب الهدي أنه كبيرة محي4 بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ, وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل "أنه".
2 في النسخ الخطية "صورته" والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".
4 في "ط" "يمحى".

الصفحة 117