كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 10)

السَّاعَةَ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَاتَلُ الْبُغَاةُ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بَغْيُهُمْ إلَّا بِهِ, لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ, وَحِفْظُهَا فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ إضاعتها, وذكره1 الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ, وَحُمِلَ الْخَبَرُ عَلَى مَا يَعُمُّ إتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحٌ بِدُونِ ذَلِكَ, فَيُقَالُ: وَغَيْرُ مَكَّةَ كَذَلِكَ, وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُولُ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ إلَّا بِإِحْرَامٍ, بِالْخَبَرِ2: "وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ" 3 قَالُوا: فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ الْقِتَالِ فِيهَا مَتَى عَرَضَ مِثْلُ تِلْكَ الْحَالِ عَلِمْنَا أَنَّ التَّخْصِيصَ وَقَعَ لِدُخُولِهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ, كَذَا قَالُوا, وَلَمَّا كَانَ هَذَا ضَعِيفًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ حُكْمًا وَاسْتِنْبَاطًا لَمْ يَعْرُجُوا, وَذَكَرَ مِثْلَهُمْ أَبُو بكر بن العربي في العارضة4 وَقَالَ: لَوْ تَغَلَّبَ فِيهَا كُفَّارٌ أَوْ بُغَاةٌ وَجَبَ قِتَالُهُمْ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ تَعَدَّى أَهْلُ مَكَّةَ أَوْ غَيْرُهُمْ عَلَى الرَّكْبِ دَفَعَ الرَّكْبُ كَمَا يَدْفَعُ الصَّائِلُ, وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ مَعَ الرَّكْبِ بَلْ يَجِبُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ, وَفِي التَّعْلِيقِ وَجْهٌ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ كَالْحَرَمِ, وَفِي مُسْلِمٍ5 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا "إنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ وَمَا6 بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا أَنْ لَا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لقتال".
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط" "ذكر".
2 في "ط" "وبالخبر" وفي "ر" "فالخبر".
3 أخرجه البخاري "112" ومسلم "1355" "446" من حديث أبي هريرة.
4 في "ط" "المعارضة.
5 في صحيحه "1374" "475" والمأزم هو الجبل وقيل: المضيق بين الجبلين ونحوه.
6 في "ط" "وما".

الصفحة 46