كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 10)

وفي الآخر ثمانية ولا يصح الاستثناء من غير الجنس نص عليه فإذا قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لزمته المائة إلا أن يستثني عينا من ورق أو ورقا من عين فيصح ذكره الخرقي.
__________
صحيح لأنها نصف واستثناء الدرهمين من الثلاثة لا يصح لأنها أكثر واستثناء الدرهم من الدرهمين أيضا لا يصح لأنه نصف فيبقى قوله إلا ثلاثة صحيحا فيصير قوله له علي عشرة إلا ثلاثة وذلك سبعة "وفي الآخر ثمانية" لأن استثناء النصف لا يصح وقوله إلا ثلاثة يعمل عمله وقدر له إلا درهمين وهو غير صحيح لأنه أكثر فيعاد منه درهم للسبعة فيصير الباقي ثمانية وإن كان الاستثناء الثاني: بحرف العطف كان مضافا إلى الاستثناء الأول فإذا قال له علي عشرة إلا ثلاثة إلا درهمين كان مستثنيا لخمسة مقرا بمثلها.
أصل: إذا استثنى مالا يصح ثم استثنى منه شيئا بطلا لأن الأول: باطل فكذا فرعه وقيل: يرجع ما بعد الباطل إلى ما قبله لأن الباطل في حكم العدم وقيل: يعتبر ما تؤول إليه جملة الاستثناءات "ولا يصح الاستثناء" من غير الجنس "نص عليه" في رواية ابن منصور "فإذا قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لزمته المائة" لأنه غير داخل في مدلول المائة فكيف يخرج منها ولأن الاستثناء صرف اللفظ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه لأنه مشتق من قولهم ثنيت فلانا عن رأيه إذا صرفته عما كان عليه وثنيت عنان دابتي رددتها عن وجهها الذي كانت ذاهبة إليه ولا يوجد هذا في غير الجنس والنوع ولأن الاستثناء من غير الجنس لا يكون إلا في الجحد بمعنى لكن والإقرار إثبات.
وهذا جواب قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف:34]، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلاماً} [مريم:62]، و قول الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس ... لا اليعافير وإلا العيس
"إلا أن يسستثني عينا من ورق أو ورقا من عين فيصح ذكره الخرقي" واختاره أبو حفص العكبري وصاحب التبصرة والروضة لأنهما كالجنس

الصفحة 252