كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 10)

فيجب على الإمام أن ينصب في كل إقليم قاضيا ويختار لذلك أفضل من يجد و أورعهم ويأمرهم بتقوى الله وإيثار طاعته في سره وعلانيته وتحري العدل والاجتهاد في إقامة الحق وأن يستخلف في كل صقع أصلح من يقدر عليه لهم ويجب على من يصلح له إذا طلب ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه،
__________
"ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجتهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة" قال مسروق لأن أحكم يوما بحق أحب إلي من أن أغزو سنة في سبيل الله فعلى هذا إذا أجمع أهل بلد على ترك القضاء أثموا قال أبن حمدان: إن لم يحتكموا في غيره "فيجب على الإمام أن ينصب في كل إقليم" هو بكسر الهمزة وهو أحد الأقاليم السبعة "قاضيا" لأن الإمام هو القائم بأمر الرعية المتكلم بمصلحتهم المسؤول عنهم فيبعث القضاة إلى الأمصار كفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وللحاجة إلى ذلك لأنه عليه السلام بعث عليا قاضيا إلى اليمن وولى عمر شريحا قضاء الكوفة وكعب بن سور قضاء البصرة وغير ذلك.
"ويختار لذلك أفضل من يجد و أورعهم" لأن ذلك أكمل وهو أقرب إلى حصول المقصود من القضاء "ويأمره بتقوى الله تعالى وإيثار طاعته في سره وعلانيته وتحري العدل والاجتهاد في إقامة الحق" لأن ذلك تذكرة له فيما يجب عليه فعله وإعانة له في إقامة الحق وتقوية لقلبه و تنبيها على اهتمام الإمام بأمر الشرع وأهله فإن كان غائبا عنه كتب له ذلك في عهده "وأن يستخلف في كل صقع" أي ناحية "أصلح من يقدر عليه لهم" لأن في ذلك خروجا من الخلاف في جواز الاستنابة و تنبيها على مصلحة رعية بلد القاضي وحثا له على اختيار الأصلح وذكر الآمدي أن على الإمام نصب من يكتفى به "ويجب على من يصلح له إذا طلب" ولم يشغله عن أهم منه "ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه" قدمه في الكافي و المحرر و المستوعب وجزم به في الوجيز وصححه جمع لأن فرض الكفاية إذا لم يوجد من يقوم به تعين عليه كغسل الميت ونحوه وقيل: ويلزمه طلبه وقال الماوردي إن كان فيه غير أهل فإن كان أكثر قصده إزالته أثيب وإن كان أكثر قصده ليختص بالنظر أبيح

الصفحة 4