كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 10)

من قول اللّه تبارك وتعالى:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ والرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (9)، (الآية: 9) إلى قوله سبحانه وتعالى: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)، (الآية: 26).
وقد تحدث ابن كثير في (تفسير القرآن العظيم) عن موضع الكهف وعن المقصود بالرقم، وعن طريقة اجتماع هؤلاء الفتية وتعارف بعضهم ببعض، وقد كانوا من أبناء ملوك الروم وساداتهم في زمن ملك يقال له (دقيانوس)، فسئموا عبادة الأصنام مع أهليهم، إذ هي تماثيل لا تضر ولا تنفع، ناهيك عن عجزها في دفع الضر عن نفسها ... فقرروا الفرار من هذا الكفر والابتعاد عن أهله، فذهبوا إلى الكهف ودخلوه، ثم تحدث ابن كثير عن لطف اللّه تبارك وتعالى بهم في تقدير مواعيد دخول الشمس في الكهف من زوايا معينة فيه، وتحدث عن طريقة نومهم العجيبة وهي فتح عين وإطباق الأخرى، وهو ما يفهم من قول اللّه تبارك وتعالى: وتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وهُمْ رُقُودٌ ... ، (الكهف: 18)، وكأنهم ناموا نومة الذئب الذي يقال أنه يفتح عينا ويطبق الأخرى أثناء نومه، ولو انطبقت العيون على الدوام لبليت. ثم نقل ابن كثير قول ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: ... ونُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وذاتَ الشِّمالِ ... ، ولو لم ينقلبوا لأكلتهم الأرض ... وهذه النقطة هي التي نريد معالجتها في هذه الجزئية من لقائنا الحالي، أي أهمية تقليب النائم الذي ينام لفترة طويلة أياما أو شهورا، أو سنينا.
فقد توصل الطب الحديث بعد العديد من الدراسات والبحوث. إلى أن طول الرقاد يتسبب في ضغط الدم على الأنسجة الملاصقة للفراش (بما فيها من أنسجة وخلايا وأوعية دموية) الذي يقلل من سريان الدم فيها، فتتراكم الأيفية ( metabolites) المختلفة في تلك الأماكن، بالإضافة إلى ما يحدث من نقص سريان الدم إليها ومن قوة الضغط المباشر عليها، وكل ذلك يقلل من حيوية تلك الأنسجة ومقاومتها ويجعلها عرضة للتلف وهدف لغزو مختلف الميكروبات (سواء الموجودة دائما على الجلد أو في الوسط المحيط به)، وعند ما تقل مقاومة تلك الأنسجة عن الدرجة الكافية، فإن الغزو الميكروبي يؤدي إلى حدوث تقرحات يصعب علاجها، فهي تنتشر بسرعة محدثا تسمما بالجسم كله.
وتعتبر هذه القروح من أهم الأسباب المفضية إلى وفاة المريض، أو النائم، الراقد لمدة

الصفحة 37