كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 10)
طويلة. ولننظر بإمعان في الآية ... ونُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وذاتَ الشِّمالِ ... ، فلم يقل المولى جل وعلا ونقلبهم على بطونهم وعلى ظهورهم، وفي هذا إشارة قرآنية طبية معجزة أخرى. بعد الإشارة إلى ضرورة تقليب المريض أو النائم الدائم. فالنوم على الوجه، أو النوم على البطن بصفة عامة، يتسبب في إعاقة حركة الحجاب الحاجز نتيجة ضغط الأحشاء عليه، فيعاق التنفس، وتضطرب الحركات التنفسية، بما يضر بصحة النائم.
وإذا نام المريض على ظهره طويلا أصيب بما يسمى" بهر النوم"، وهو توقف التنفس نتيجة انسداد القنوات الهوائية، وما يصاحبه من اضطرابات قلبية. هذا وقد كان اللّه تعالى قادرا على وقاية فتية الكهف من الإصابة بقرح الفراش بالرغم من نومهم ثلاثمائة عام، لكنه سبحانه شاءت أرادته أن ينقلب هؤلاء الفتية ذات اليمين وذات الشمال لمصلحتين ... مصلحة عائدة لهم وهي وقايتهم من الإصابة بهذا المرض الذي يساعد على أسباب الوفاة ... ومصلحة على من يقرأ القرآن قراءة تدبر، وهي مصلحة مزدوجة في ذاتها، أحد شقيها هو التنبيه إلى الأخذ بالأسباب في دفع الإضرار عن النفس، وعدم التعرض للتهلكة بحجة التوكل على اللّه، والشق الثاني في هذه المصلحة هو اكتشاف علماء الطب اليوم بأن هذا تدبير طبي مهم جدا، وهو ممارسة وقاية تدخل فيما يسمى" العلاج الطبيعي" الذي لم تعد ضرورته خافية على أحد اليوم.
أما كيف كان يدخل الضوء لهم ومدى تأثير ذلك على بقائهم أحياء فقال عنها اللّه تعالى وتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ومَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (17)، (الكهف: 17). ومعنى الآية أن الشمس كانت ضرورية لحمايتهم فبدونها لكانوا هلكى، فكانت تأتيهم في شروقها وغروبها من خلال فجوات في كهفهم. وبذلك أقر القرآن الكريم بحقيقة أهمية الضوء للبقاء والعلاج قبل اكتشافات الطب الحديثة وقبل اكتشافات ((علاج المستقبل)) هذا بأكثر من 1400 عام.
بالإضافة إلى أن الضوء في وقت الشروق والغروب هو الأكثر فائدة من حيث تركيز نسبة الأوزون في الجو ونقاءه وغير ذلك من المواصفات التي سبق وأن ذكرناها في موضوع صلاة الفجر ... فسبحان اللّه.
أ لا تلاحظ أخي القارئ كيف أن الآية الواحدة في القرآن تحوي أكثر من إعجاز