كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 10)
لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا ربّ وكيف أطعمك وأنت ربّ العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟
أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا ربّ كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي) ... يقول الإمام المناوي في فيض القدير حول شرح هذا الحديث ما نصه:
(إن اللّه تعالى يقول يوم القيامة يا ابن آدم) خطاب معاتبة لا مناقشة ومعاقبة (مرضت فلم تعدني) أضاف المرض إليه والمراد العبد تشريفا له وتقريبا (قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين) حال مقرر للإشكال الذي تضمنه معنى كيف، أي أن العيادة إنما هي مريض العاجز وذلك على المالك الحقيقي محال، فكيف أعودك وأنت القادر القاهر القوي المتين (قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده) أي وجدت ثوابي وكرامتي في عيادته. قال في المطامح: هذا خرج مخرج التنبيه على شرف المؤمن والتعريف بحظوته عند ربه وحث الخلق على المواصلة لذاته والتحبب فيه والإحسان لوجهه، فأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عن ربه أن عيادة المؤمن لأخيه عيادة للّه تعالى من حيث إنها إنما فعلت لوجهه، فالمجاز والاستعارة في كلامهم باب واسع ... وعن قوله (يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين) أي كيف أطعمك والإطعام إنما يحتاج إليه الضعيف الذي يتقوت به فيقيم به صلبه ويصلح به عجزه وأنت رب العالمين. (قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي) قال في العيادة لوجدتني عنده وفي الإطعام وكذا السقي لوجدت ذلك عندي إرشادا إلى أن الزيارة والعيادة أكثر ثوابا منهما. وقال السبكي رضي اللّه عنه: سر ذلك أن المريض لا يروح إلى أحد بل يأتي الناس إليه، فناسب قوله لوجدتني عنده بخلاف ذينك فإنهما قد يأتيان لغيرهما من الناس ... وعن قوله (يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين) أي كيف أسقيك وإنما يظمأ ويحتاج للشرب العاجز المسكين المحتاج لتعديل أركانه وطبيعته وأنه غني منزه متعال عن ذلك كله (قال استسقاك عبدي فلان
الصفحة 4
63