كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 10)

تلك الفترة التي حددها المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى صلوات ربي عليه وآله وسلم تسليما كثيرا. أما قوله صلى اللّه عليه وسلم بالحجامة على الريق فهو ما أثبته الطب الحديث من أن أية جراحة يفضل أن تكون على الريق أي امتناع الشخص عن الأكل قبيل إجراء العملية مخافة حصول مضاعفات لا يحمد عقباها. وأما تحديد فصل الاعتدال الحراري لإجراء الحجامة أي شهري نيسان وأيار فإن هذا الأمر قد يكون غير موجود في مكة والمدينة أو جزيرة العرب عموما إذا ما علمنا أن الجو هناك يظل حارا أغلب أشهر السنة. وأما تحديده أيام (الاثنين والثلاثاء والخميس) ونهيه عن غيرها فهو ما يجب البحث فيه لمعرفة أسراره الخفية، واللّه ورسوله أعلم.
أصبحت الحجامة الآن تقنية طبية وعلاجية عالمية، وقد افتتحت عدة عيادات في أنحاء العالم لأغراض التداوي وإجراء البحوث بهذه التقنية الطبية النبوية. وعلى سبيل المثال لا الحصر قام مجموعة من المختصين الألمان في الحجامة الانزلاقية بدهن الظهر بزيت الزيتون ثم قاموا بإمرار الأكواب على الظهر مسحا إلى حين الوصول إلى المنطقة التي أعطت ازرقاقا في الجلد، عندها قاموا بالتشريط لتنفيس الدم فحصلوا على نتائج رائعة مفادها أن 90 خ من الألم المفصلي والعضلي قد أزيل.
هنا تجدر الإشارة إلى أن عمليات الحجامة يجب أن يقرها ويوصي بها ويقوم بإجرائها أطباء متخصصون متمرسون بهذه التقنية وليس أناس مدعون لئلا تكون النتائج عكسية.
لو تدبرنا هذه الأحاديث لوجدنا أنها تعطي منهاجا طبيا شاملا لأنها تتحدث عن أفضل ما يمكن للمرء أن يتداوى به، فالحجامة مثلا علاجي جراحي بسيط له نتائج مهمة على صعيد تنشيط الجسم وتقوية أجهزته بل وحتى إعادة تنظيم الطاقة بداخله، والمشي كما جاء في الحديث الثالث علاج أثبت الطب الحديث أن لا غنى لكل إنسان عنه فهو علاج فيزيائي، وأما السعوط فهو الدواء الذي يصب بالأنف كما جاء في مختار صحاح الرازي، وأما العلاج الدوائي فهو ما ذكرنا من العسل والحبة السوداء والماء، وأما العلاج الشعاعي فهو العلاج بالشمس، وأما العلاج الغذائي فهو ما ذكرنا في أمور الغذاء الصحي. وأما العلاج النفسي المتمثل بسماع القرآن الكريم والذكر فكما فصلنا في بداية الكتاب، والصلاة علاج نفسي وفيزيائي فضلا عن كونها عبادة، ولم ينس الإسلام الذوق وأثره في الصحة فسن كل الآداب المتعلقة بالذوق السليم وهو ما يعرف اليوم بلغة الغرب بالإيتيكيت، ولعل العطور أحد هذه الأمور.

الصفحة 48