كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 10)

وَقِيلَ: يَبْرَأُ مِنْهَا، إلَّا أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا أَرَدْت الْقَوَدَ دُونَ الدِّيَةِ. فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقَوَدُ وَحْدَهُ: سَقَطَ وَلَا دِيَةَ. وَإِنْ قُلْنَا: أَحَدُ شَيْئَيْنِ: انْصَرَفَ الْعَفْوُ إلَى الْقِصَاصِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى يَسْقُطَانِ جَمِيعًا. ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ إلَى غَيْرِ مَالٍ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا: فَلَا مَالَ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَقَوْلُهُ هَذَا لَغْوٌ. وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالْمَالُ جَمِيعًا، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَبَرُّعَ لَهُ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، وَالْمُكَاتَبُ. وَالْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالْوَرَثَةُ مَعَ اسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ لِلتَّرِكَةِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَسْقُطُ الْمَالُ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَالثَّانِي: يَسْقُطُ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ الْعَفْوَ لَا يَصِحُّ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ، لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ. كَالْقَتْلِ مُكَابَرَةً. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي قَاتِلِ الْأَئِمَّةِ: يُقْتَلُ حَدًّا؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ أَعْظَمُ مِنْ الْمُحَارِبِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ) . وَكَذَا لَوْ قُتِلَ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي فِي الْمَوْتِ. وَقَدَّمَاهُ فِي الْقَتْلِ. وَقِيلَ: تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ.

الصفحة 6