كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

النبي صلى الله عليه وسلم: "تلك فتنة تكون في آخر الزمان"، قال: وما الفتنة؟ قال: "يفتك الناس بإمامهم ثم يشتجرون اشتجار أطباق الرأس"، وخالف صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، "يحسب المسيء أنه محسن، ودم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء البارد".
فانظر إلى هذا التعبير البارز من مشكاة النبوة، محشوا حلاوة الحق، مكسوا طلاوة الصدق مجلوا بأنوار الوحي.
والأسفع: الذي أصاب جسده لون آخر.
__________
يقال له عمرو" بن زرارة، أورده في الإصابة في القسم الأول، وقال: صحبته محتملة، "ورأيتها تقول: لظى لظى" بزنة فتى النار أو لهبها، ولظى معرفة جهنم، كما في القاموس: "بصير وأعمى", أي أجمع الغث والثمين، فلا أترك واحدا منهما، "آكلكم آكلكم" تأكيد لفظي للأول، "أهلكم ومالكم" عطف بيان لآكلكم، وفي نسخ: آكلكم كلكم، بالتوكيد المعنوي وما بعده بالنصب بدل من الكاف، وهذا الذي في ابن المنير عن ابن قتيبة، "فقال صلى الله عليه وسلم: "تلك فتنة تكون في آخر الزمان" سماه آخرا مع أنا قتل عثمان رضي الله عنه، باعتبار أنه لغلظ أمرها وفحشها بمنزلة ما يكون في آخر الزمان أن الذي فيه الأحكام وتزول، حتى كأنها لا أثر لها، أو المراد آخر زمان خلافة النبوة، وسماه آخر مع أنه بقي منها خلافة علي والحسن لقرب قتل عثمان من آخرها، "قال: وما الفتنة" لأنها لغة تطلق على معان، فسأله أيها أراد، "قال: "يفتك"، "بكسر التاء وضمها" يبطش "الناس بإمامهم" الخليفة ويقتلونه على غفلة، ولعل تفسيرها بالفتك متسببة عنها، لأنها الميل والخروج عن الاعتدال، وذلك يتسبب عنه البطش والقتل، "ثم يشتجرون"، "بمعجمة وجيم" أي يتنازعون "اشتجار أطباق الرأس" عظامه "وخالف صلى الله عليه وسلم بين أصابعه" لم يبينوا صفة لمخالفة، وقال مستأنفا: "يحسب المسيء أنه محسن" للإشارة إلى غلبتها، فيظن المبطل أنه محق، لأن اجتهاده أداه لذلك، "ودم المؤمن عند المؤمن أحلى" ألذ، والذي في ابن المنير وغيره: أحل من الحل ضد الحرام "من شرب الماء البارد", وكأنه لغلبة اشتباه الحال، فيظن أنه محق، فيراه أشد حلاء من شرب الماء, وخصه لغلبة حصوله من جهة حل، كالأنهار والأمصار، ونحوهما بقية الحديث كما مر في الوفدان: مات ابنك قبلك أدركت الفتنة، وإن مت أنت أدركها ابنك، قال: يا رسول الله ادع الله أن لا أدركها، فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا يدركها" فمات، فبقي ابنه، فكان ممن خلع عثمان.
وعند ابن الكلبي وغيره: فكان أول خلق الله خلع عثمان بالكوفة، "فانظر إلى هذا التعبير البارز من مشكاة النبوة محشوا حلاوة الحق مكسوا طلاوة الصدق" مثلث الطاء الحسن

الصفحة 101