كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

"ذكر طبه عليه الصلاة والسلام من البثرة":
روى النسائي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لها: "عندك ذريرة؟ " فقلت: نعم، فدعا بها فوضعها على بثرة بين أصبعين من أصابع رجله، ثم قال: "اللهم مطفئ الكبير، ومكبر الصغير، أطفئها عني". فطفئت.
__________
ذكر طبه عليه الصلاة والسلام من البثرة:
بموحدة ومثلثة، أي الخراج الصغير. "روى النسائي" من طريق عبد الله بن زيد الجرمي "عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" هي عائشة كما في التقريب: "أنه قال لها": "عندك" بتقدير همزة الاستفهام، أي: أعندك "ذريرة". "بذال معجمة مفتوحة وراء مكسورة، فتحتية ساكنة، فراء، فهاء": نوع من الطيب معروف، كما في مقدمة الفتح.
قال الزمخشري: هي فتات قصب الطيب، وهو قصب يؤتى به من الهند، كقصب النشاب، زاد الصفاني: وأنبوبه محشوه من شيء أبيض مثل نسج العنكبوت، ومسحوقة عطر إلى الصفرة والبياض، "فقلت: نعم" عندي، "فدعا بها"، أي طلبها، "فوضعها على بثرة بين أصبعين من أصابع رجله، ثم قال: "اللهم مطفئ الكبير". "بطاء مهملة، ففاء" أي: مذهبه استعارة من أطفأت النار إذا أخمدتها، "ومكبر الصغير أطفئها" أخمدها وأذهبها "عني". "فطفئت" خمدت وذهبت.
"ذكر طبه عليه الصلاة والسلام من حرق النار":
روى النسائي عن محمد بن حاطب قال: تناولت قدرا، فأصاب كفي من مائها، فاحترق ظهر كفي، فانطلقت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أذهب الباس رب الناس"، وأحسبه قال: و "اشف أنت الشافي" ويتفل.
__________
ذكر طبه عليه الصلاة والسلام من حرق النار:
"روى النسائي عن محمد بن حاطب" بن الحارث بن معمرة القرشي، الجمحي, صحابي صغير ولد قبل أن يصلوا إلى الحبشة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم, وعن أمه، وعن علي، ومات سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة ست وثمانين وأبوه صحابي، مات بالحبشة، فقدمت به أمه المدينة مع أهل السفينة، "قال: تناولت قدرا" "بكسر القاف مؤنثة" وقيل: يذكر ويؤنث، "فأصاب كفي من مائها، فاحترق ظهر كفي، فانطلقت بي أمي" هي أم جميل، بفتح الجيم بنت المجلل "بجيم ولامين" القرشية، العامرية، من السابقات إلى الإسلام، وبايعت وهاجرت إلى الحبشة الهجرة الثانية.
روى الإمام أحمد عن محمد بن حاطب، عن أمه أم جميل بنت المجلل، قالت: أقبلت بك من الحبشة حتى إذا كنت من المدينة على ليلة أو ليلتين طبخت طبيخا، ففني الحطب، فذهبت أطلبه، فتناولت القدر، فانكفأت على ذراعك، فذهبت بك "إلى النبي صلى الله عليه وسلم", فقلت: يا رسول الله هذا محمد بن حاطب، وهو أول من سمي باسمك، وقد أصابه هذا الحرق، قالت: فمسح على رأسك، وتفل في فيك، ودعا لك بالبركة، فقال: "أذهب الباس رب الناس". "وأحسبه" أي أظنه "قال: "واشف أنت الشافي"، ويتفل" على موضع الحرق، والجملة حالية، أي: فقال ذلك، والحال أنه يتفل، وفي نسخة: وتفل، أي فقال, وتفل.

الصفحة 11