كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

العبارات، ولا تدرك حقيقة كنهه الإشارات، وإذا كان هذا ابن سيرين واحد من أمته عليه الصلاة والسلام نقل عنه من فن التعبير ما لا يعد فكيف به صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه، وأفاض علينا من سحائب علومه ومعارفه، وتعطف علينا بعواطفه.
__________
التابعي المشهور، "من لطائف التعبير مما شاع وذاع وامتلأت به الأسماع طبق الأرض صدقا وصوابا وعجبا عجابا، بل بحرا عبابا"، "بضم العين وموحدتين، أي كثير الماء"، "قضيت" جواب إذا تأملت "بأن ما منحه صلى الله عليه وسلم" من العلوم والمعارف لا تحيط به العبارات، ولا تدرك حقيقة كنهه" إضافة بيانية، ففي المصباح كنه الشيء: حقيقته ونهايته "الإشارات وإذا كان هذا ابن سيرين" بدل من اسم الإشارة "واحد"، "بالرفع" صفة ابن "من أمته عليه الصلاة والسلام" والخبر "نقل عنه من فن التعبير ما لا يعد" لكثرته، "فكيف به صلى الله عليه وسلم" عليه، "وزاده فضلا وشرفا لديه، وأفاض علينا من سحائب علومه ومعارفه، وتعطف علينا بعواطفه".
الفصل الثالث: في إنبائه صلى الله عليه وسلم بالأنباء المغيبات
اعلم أن علم الغيب يختص بالله تعالى، وما وقع منه على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام وغيره فمن الله تعالى، إما بوحي أو إلهام، والشاهد لهذا قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 27] ، ليكون معجزة له.
واستدل به على إبطال الكرامات.
وأجيب: بتخصيص الرسول بالملك، والإظهار بما يكون بغير توسطه،
__________
الفصل الثالث: في إنبائه
"بكسر الهمزة" أي إخباره "صلى الله عليه وسلم بالأنباء" "بفتح الهمز" جمع نبأ "بالهمز" أي الأخبار "المغيبات" أي الأمور التي بعدت عنا، فلم يتعلق علمنا بها.
"اعلم أن علم الغيب" أي ما غاب عنا جمعه غيوب، "يختص بالله تعالى" علام الغيوب، "وما وقع منه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم" وعلى لسان "غيره" من الأنبياء والصالحين، "فمن الله تعالى، إما بوحي" للأنبياء "أو إلهام" لغيرهم، "والشاهد لهذا" أي الدليل عليه "قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ} ما غاب عن العباد، {فَلَا يُظْهِرُ} يطلع {عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} من الناس {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} ، "ليكون" العلم به "معجزة له" أي لمن أظهر على يديه.

الصفحة 111