كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

ومن ذلك في كفار قريش: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [آل عمران: 151] ، يريد ما قذف في قلوبهم من الخوف يوم أحد حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب، ونادى أبو سفيان: يا محمد! موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن شاء الله تعالى". قيل: لما رجعوا وكانوا ببعض الطريق ندموا، وعزموا أن يعودوا عليهم ليستأصلوهم، فألقى الله تعالى الرعب في قلوبهم.
ومن ذلك قوله تعالى: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 601] إلى قوله: {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} ، وسبب نزول هذه الآية أن كسرى وقيصر تقاتلا فغلب كسرى قيصر، فساء المسلمين ذلك، لأن الروم أهل كتاب، ولتعظيم قيصر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وتمزيق كسرى كتابه، وفرح المشركون به، فأخبر الله تعالى بأن الروم بعد أن غلبوا سيغلبون في بضع سنين، والبضع ما بين
__________
وكان عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رلا" على أرجح الأقوال، "وليس معهم إلا فرسان، أحدهما للزبير بن العوم، والأخرى للمقداد بن الأسود، فهزم الله المشركين ومكن المسلمين، من قتل أبطالهم" سبعين، "و" من "اغتنام أموالهم" وأسر سبعين.
"ومن ذلك في كفار قريش: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} بسكون العين وضمها {بِمَا أَشْرَكُوا} بسبب إشراكهم {بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} حجة على عبادته، وهو الأصنام، "يريد ما قذف" تفسير نلقي "في قلوبهم من الخوف" تفسير الرعب "يوم أحد حتى تركوا القتال، ورجعوا من غير سبب" بحسب الظاهر، "ونادى أبو سفيان" صخر بن حرب: "يا محمد! موعدنا موسم بدر القابل" أي الآتي بعد هذا، وفي نسخ: لقابل، أي لعام قابل "إن شئت فقال عليه الصلاة والسلام" لعمر بن الخطاب: قل: "نعم هو موعد بيننا وبينكم إن شاء الله تعالى".
"قيل: لما رجعوا وكانوا ببعض الطريق ندموا، وعزموا أن يعودوا عليهم" على المؤمنين "ليستأصلوهم" بالقتل، "فألقى الله تعالى الرعب في قلوبهم" فاستمروا راجعين.
ومن ذلك قوله تعالى: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [الروم: 1-3] ، أي أقرب أرض الروم إلى فارس، بالجزيرة التي التقى فيها الجيشان والبادئ بالغزو الفرس {وَهُمْ} أي الروم {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} .
أضيف المصدر إلى المفعول به، أي غلبة فارس إياهم، {سَيَغْلِبُونَ} فارس {فِي بِضْعِ

الصفحة 116