كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

ومن ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] ، وهذا ظاهر في العيان بأن دين الإسلام كما أخبر عال على جميع الأديان.
ومن ذلك، قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلى آخرها، فكان كما أخبر، دخل الناس في دين الله أفواجا، فما مات عليه الصلاة والسلام وفي بلاد العرب كلها موضع لم يدخله الإسلام, إلى غير ذلك مما يطول استقصاؤه.
__________
القرآن، فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله" وهذا جاء به المصنف من مؤلف لطيف لشيخه السخاوي، سماه التماس السعد في الوفاء بالوعد، وقال عقب هذا: وبهذا ظهر قوله صلى الله عليه وسلم، الذي ثبت في الصحيح: "إن الذي زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها". وقوله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم حين وفد عليه: "أتعرف الحرة"؟. قلت: لم أرها، سمعت بها. قال: "فوالذي نفسي بيده ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز". قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: "نعم كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد". قال عدي: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة، فتطوف بالبيت في غير جوار، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها، وقوله: "بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة، والدين والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة نصيب".
"ومن ذلك قوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} [آل عمران: 112] ، الذل والهوان {وَالْمَسْكَنَةُ} أي أثر الفقر من السكون والخزي، فهي لازمة لهم وإن كانوا أغنياء لزوم الدرهم المضروب لسكته، "فاليهود أذل الكفار في كل مكان وزمان، كما أخبر" الله تعالى، ومن ذلك أنه ليس لهم مملكة قط، بل هم مبددون في البلدان.
"ومن ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ} محمدًا صلى الله عليه وسلم: {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ} يعليه {عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} جميع الأديان المخالفة له {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] ، ذلك "وهذا ظاهر في العيان"، "بكسر العين" المشاهدة، "بأن دين الإسلام كما أخبر"، بأنه يظهره "عال" مرتفع "على جميع الأديان" باعتبار زاعميها {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} .
"ومن ذلك" الإخبار بالغيب "قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] نبيه صلى الله عليه وسلم

الصفحة 122