كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

القسم الثاني: في ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من الغيوب سوى ما في القرءان العزيز فكان كما أخبر به في حياته وبعد مماته.
أخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن الله قد رفع لي الدنيا، فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة، كأنما أنظر إلى كفي هذه".
وعن حذيفة قال: قام فينا رسول الله عليه الصلاة والسلام مقاما، فما ترك شيئا في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأعرفه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه، ثم قال
__________
على أعدائه "والفتح" فتح مكة "إلى آخرها" أي السورة، "فكان كما أخبر، دخل الناس في دين الله أفواجا": جماعات بعدما كان فيه واحد واحد، بعد فتح مكة جاءته العرب من أقطار الأرض طائعين، "فما مات صلى الله عليه وسلم وفي بلاد العرب كلها موضع لم يدخله الإسلام، إلى غير ذلك مما يطول استقصاؤه" تتبعه والكشف عنه.
"القسم الثاني" بيان "ما" أي شيء كثير "أخبر به عليه الصلاة والسلام من الغيوب سوى ما في القرآن العزيز" الغالب على غيره، "فكان" فوجد بعد إخباره "كما أخبر" أي على الوجه الذي أخبر "به" بعضه وقع "في حياته" بعضه وقع "بعد مماته" على طبق ما قال.
"أخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد رفع" أي أظهر وكشف "لي الدنيا"، بحيث أحطت بجميع ما فيها، "فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة، كأنما أنظر إلى كفي هذه" إشارة إلى أنه نظر حقيقة، دفع به احتمال أنه أريد النظر العلم، ولا يرد أنه إخبار عن مشاهدة، فلا يلاقي الترجمة، لأن إخباره بذلك إخبار عن غيب عن الناس ثم يعلم باعتبار صدقه ووجوب اعتقاد ما يقوله أن كل ما علمه الناس بعده من جملة ما رآه رفعت له الدنيا صلى الله عليه وسلم.
"وعن حذيفة" بن اليمان رضي الله عنهما، "قال: قام" أي خطيبا، فعبر بالقيام عن الخطبة، لأن الخطيب يخطب قائما "فينا"، أي الصحابة، أي قام ونحن عنده، فالظرفية مجازية "رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما"، "بفتح الميم" اسم لموضع القيام، ومنه: {لَا مُقَامَ لَكُمْ} ، أي لا موضع، أما على قراءة "ضم الميم" فالمراد موضع الإقامة أو نفس الإقامة، بجعله مصدرا من أقام، "فما ترك

الصفحة 123