كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

نفسي بيده لتنفقن في سبيل الله، قال النووي قال الشافعي وسائر العلماء: معنا لا يكون كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام، كما كان في زمنه عليه الصلاة والسلام، فأعلمنا عليه الصلاة والسلام بانقطاع ملكهما من هذين الإقليمين، فكان كما قال، فأما كسرى فانقطع ملكه بالكلية من جميع الأرض، وتمزق ملكه كل ممزق، واضمحل بدعوة النبي عليه الصلاة والسلام، وأما قيصر فانهزم من الشام ودخل أقصى بلاده، فافتتح المسلمون بلاده واستقرت للمسلمين, ولله الحمد.
وقد وقع ذلك في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب كما قدمته. وقال عليه
__________
تحرك واضطرب "بهم الجبل، فضربه برجله" الشريفة صلى الله عليه وسلم، "وقال له": "اثبت أحد" منادى بحذف الأداة ونداؤه خطابه، وهو يحتمل المجاز والحقيقة، وهو الظاهر، ويؤيده ضربه برجله، "فإنما عليك نبي وصديق"، "بكسر الصاد وشد الدال" ملازم للصدق.
وفي الطبراني: برجال ثقات أن عليا كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق، "وشهيدان" عمر وعثمان.
قال ابن المنير: قيل: حكمة ذلك أنه لما رجف أراد صلى الله عليه وسلم أن يبين أن هذه الرجفة ليست من جنس رجفة الجبل بقوم موسى لما حرفوا الكلم، وأن تلك رجفة الغضب، وهذه رجفة الطرب، ولذا نص على مقام النبوة والصديقية والشهادة التي توجب سرور ما اتصلت به لا رجفانه، فأقر الجبل بذلك فاستقر وتقدم لهذا مزيد، "فكان كما أخبر عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا هلك كسرى"، "بكسر الكاف" على الأفصح، وقد تفتح لقب لكل من ملك الفرس، أي إذا مات كسرى أنوشروان بن هرمز، "فلا كسرى بعده" بالعراق، "وإذا هلك" مات "قيصر" لقب لكل من ملك الروم، والمراد هرقل، "فلا قيصر بعده" بالشام، "والذي نفسي بيده لتنفقن"، "بضم الفوقية وسكون النون وكسر الفاء وضم القاف"، " كنوزهما" مالهما المدفون، أو الذي جمع وادخر "في سبيل الله" عز وجل، وقد وقع ذلك.
وفي نسخة: الناصرية "بفتح الفاء والقاف" مصلحة، ورفع كنوزهما قاله المصنف.
"قال النووي: قال الشافعي" الإمام "وسائر العلماء: معناه لا يكون كسرى بالعراق، ولا قيصر بالشام، كما كان في زمنه عليه الصلاة والسلام" فلا يشكل ببقاء مملكة الفرس مدة، لأن آخرهم قتل في زمن عثمان، وببقاء مملكة الروم إلى الآن، "فأعلمنا صلى الله عليه وسلم، بانقطاع ملكهما من هذين الإقليمين، فكان كما قال، فأما كسرى، فانقطع ملكه بالكلية من جميع الأرض، وتمزق ملكه كل ممزق" فرق جيشه في البلاد كل تفريق، "واضمحل بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم" لما مزق

الصفحة 128