كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وإخباره عليه الصلاة والسلام بشأن كتاب حاطب إلى أهل مكة.
وبموضع ناقته حين ضلت وكيف تعلقت بخطامها في الشجرة.
ولما رجع المشركون يوم الأحزاب، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "الآن نغزوهم ولا يغزونا". فلم يُغْزَ رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وبعث عليه الصلاة والسلام جيشا إلى مؤته، وأمر عليهم زيد بن حارثة ثم قال: "فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة". فلما التقى المسلمون بمؤتة جلس النبي عليه الصلاة والسلام على المنبر، فكشف له حتى
__________
وزوال شوكة أعدائه وما فتح الله على يديه "الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة" أعرابي بدوي من بني مدلج متقشف.
وفي رواية البيهقي أنه وضعهما في يديه، فبلغا منكبيه، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل سواري كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك، ثم قال له: قل: الله أكبر الله أكبر وحمدًا لله على منه بنعمة الفتح وإعزاز الدين، وكبر تعظيما لمالك الملك الذي يؤتي ملكه من يشاء وينزعه ممن يشاء، فتبارك الله الذي بيده الملك، الذي قصم من نازعه رداء كبريائه، فلا سلطان إلا سلطانه, ولا عز لغير من أعزه، وليس في هذا استعمال الذهب وهو حرام؛ لأنه إنما فعله تحقيقا لمعجزة الرسول من غير أن يقرهما، فإنه روي أنه أمره، فنزعهما وجعلهما في الغنيمة، ومثل هذا لا يعد استعمالا.
"ومن ذلك إخباره عليه الصلاة والسلام بالمال" أي الذهب "الذي تركه عمه العباس" لما خرج إلى بدر ومعه عشرون أوقية من ذهب ليطم بها المشركين، فأخذت منه في الحرب "عند أم الفضل" زوجته لتربية الأولاد إن مات "بعد أن كتمه" وسأل أن يحسب العشرين أوقية من فدائه، فأتى صلى الله عليه وسلم فقال: تتركني أتكفف قريضا، فقال: "فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة". "فقال: ما علمه غيري وغيرها" وما يدريك؟ فقال: "أخبرني ربي". "وأسلم كما تقدم ذلك في غزوة بدر" العظمى "من المقصد الأول".
"وإخباره صلى الله عليه وسلم بشأن كتاب حاطب إلى أهل مكة" لما عزم على فتحها، ومر ما فيه من الإشكال، وجوابه ثمة "وبموضع ناقته حين ضلت" ببعض طريق تبوك، فقال بعض المنافقين: لو كان نبيا لعلم أين هي، فقال: "إني لا أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها". "وكيف تعلقت بخطامها في الشجرة" فقال: "وهي في الوادي في شعب كذا وكذا, وقد حبستها شجرة بزمامها, فانطلقوا حتى تأتوني بها". كما مر، "ولما رجع" انصرف "المشركون يوم الأحزاب، قال صلى الله عليه وسلم: "الآن" , أي من الآن "نغزوهم" نقصدهم بالحرب، "ولا يغزونا" لا يقصدونا به، فكان

الصفحة 130