كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

"دعوني وإياه فإني أعلم ما الذي أخرجه من منزله". فقلت: يا رسول الله ما الذي أخرجني من منزلي؟ قال: "أخرجك من منزلك لتسأل عن البر وعن الشك". قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أخرجني غيره، فقال عليه الصلاة والسلام: "البر ما استقر في الصدر، واطمأن إليه القلب، والشك ما لم يستقر في الصدر، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك وإن أفتاك المفتون".
ومن ذلك: قوله لفاطمة رضي الله عنها في مرضه: "وإنك أول أهلي لحاقا
__________
نحرك فهو خير لك عند ربك، وأما حلاق رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، ويمحي عنك بها خطيئة". قلت: يا رسول الله فإن كانت الذنوب أقل من ذلك، قال: "يدخر لك في حسناتك، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يقع بين كتفيك، ثم يقول اعمل لما يستقبل فقد غفر لك ما مضى".
قال الثقفي: أخبرني يا رسول الله، قال: "جئت تسألني عن الصلاة، إذا غسلت وجهك انتثرت الذنوب من أشفار عينيك، وإذا غسلت يديك انتثرت الذنوب من أظفار يديك، وإذا مسحت برأسك انتثرت الذنوب عن رأسك، وإذا غسلت رجليك انتثرت الذنوب من أظفار قدميك" ... الحديث، وفيه ذكر الرجوع والسجود والصلاة والصوم، فاقتصر المصنف على حاجته منه وهو الإخبار بالغيب، أما بقية الحديث، فمعلوم عند أصحابه، فلا يقال اقتصاره يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم لم يجبه عن سؤاله، وأن الثقفي اكتفى بسؤال الأنصاري وليس كذلك، لا سيما والثقفي هو السابق بالسؤال.
"ومن ذلك ما روي"، "عن واثلة"، "بمثلثة"، "ابن الأسقع"، "بقاف" ابن كعب الليثي، نزل الشام ومات في سنة خمس وثمانين وله مائة وخمس سنين، "قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه يحدثهم، فجلست وسط الحلقة"، "بفتح السين وسكونها"، "فقال بعضهم: يا واثلة قم عن هذا المجلس فقد نهينا عنه"، "بضم النون للعلم بالناهي" صلى الله عليه وسلم.
روى أبو داود عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة وهو عند الترمذي، وقال حسن صحيح، بلفظ: إن رجلا جلس وسط الحلقة، فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد, أو لعن الله على لسان محمد من جلس وسط الحلقة، قال الحاكم على شرط الشيخين، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم": "دعني" اتركوني "وإياه" يستفاد منه أن محل النهي ما لم يكن لحاجة، " "فإني أعلم ما الذي أخرجه من منزله"، فقلت: يا رسول الله ما الذي أخرجني من منزلي"؟ , أي أخبرني به لأزداد إيمانا، قال: "أخرجك من منزلك لتسأل" , أي إرادة وصولك إليّ لتسأل "عن البر وعن الشك". "قال" واثلة: "قلت: والذي بعثك بالحق ما أخرجني غيره،

الصفحة 135