كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وكذا خرج العقيلي نحوه عن أنس بن مالك، ورواه الشافعي عن عمر.
فعلى هذا يكره استعمال الماء المشمس شرعا خوف البرص، لكنهم اشترطوا شروطا: أن يكون في البلاد الحارة، والأوقات الحارة دون الباردة، وفي الأواني المنطبعة على الأصح دون الحجر والخشب ونحوهما, واستثنى النقدان لصفائهما. وقال الجويني بالتسوية، حكاه ابن الصلاح. ولا يكره المشمس في الحياض والبرك قطعا، وأن يكون الاستعمال في البدن لا في الثوب، وأن يكون مستعملا حال حرارته، فلو برد زالت الكراهة في الأصح في الروضة وصحح في الشرح الصغير عدم الزوال. واشترط صاحب التهذيب -كما قاله الجبلي- أن يكون
__________
الحديث عند الدارقطني وأبي نعيم، عن عائشة أنها سخنت للنبي صلى الله عليه وسلم، ماء في الشمس، فقال: "لا تفعلي يا حميراء، فإنه يورث البرص".
"وكذا خرج العقيلي نحوه عن أنس بن مالك، ورواه الشافعي عن عمر" بن الخطاب موقوفا عليه، كرواية الدارقطني المبدأ بها، "فعلى هذا يكره" تنزيها "استعمال الماء المشمس، شرعا" لا طبا "خوف البرص، لكنهم", أي القائلين بالكراهية "اشترطوا شروطا أن يكون" استعمال ذلك "في البلاد والأوقات الحارة" كالحجاز في الصيف "دون الباردة" كالشام والحجاز في الشتاء "و" أن يكون التشميس "في الأواني المنطبعة" أي التي تقبل الطبع، بأن تتأثر وتمتد تحت المطرقة في يد الصائغ، كحديد ونحاس "على الأصح دون الحجر والخشب، ونحوهما" الخزف والجلود لانتفاء الزهومة المتولد عنها برص، "واستنثى النقدان" أي أخرج المتقدمون، وجرى عليه في أصل الروضة من ذلك الذهب والفضة "لصفائهما" أي صفاء جوهرهما، فلا ينفصل عنهما شيء.
"وقال الجويني بالتسوية" بين النقدين وغيرهما في الكراهة "حكاه ابن الصلاح" وغيره، والمعتمد الأول، "ولا يكره المشمس في الحياض والبرك قطع" لفقد العلة، "وأن يكون الاستعمال في البدن", اغتسالا، أو وضوءا أو شربا "لا في الثوب", فلا يكره لبسه إذا غسل بماء مشمس قال في الإيعاب: إلا إن مس البدن، وهو رطب أخذا من قول الاستقصاء: لا معنى لاختصاصه بالبدن دون الثوب الذي هو لابسه، لأنه يصل أثر للبدن في حال لبسه رطبا، أو مع العرق. انتهى.
"وأن يكون" المشمس "مستعملا حال حرارته، فلو برد" بفتح الراء وضمها" قال المجد: كنصر وكرم، أي زالت حرارته، "زالت الكراهة في الأصح" عند النووي "في الروضة، وصحح" الرافعي "في الشرح الصغير" على وجيز الغزالي "عدم الزوال" لأن العلة انفصال شيء

الصفحة 17