كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

"ذكر الحمية من داء الكسل":
روى أبو داود في المراسيل عن يونس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه رآه مضطجعا في الشمس، قال يونس فنهاني وقال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها تورث الكسل وتثير الداء الدفين".
__________
ذكر الحمية من داء الكسل:
"روى أبو داود في المراسيل، عن يونس" بن يزيد الأيلي, بفتح الهمزة وسكون التحتية ولام, ثقة روى له الجميع، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، وفي غير الزهري خطأ، مات سنة تسع وخمسين ومائة على الصحيح. وقيل: سنة ستين، "عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" التيمي، مولاهم المدني، المعروف بربيعة الرأي، واسم أبيه فروخ، ثقة، فقيه مشهور "أنه" أي ربيعة "رآه" أي يونس "مضطجعا في الشمس، قال يونس: فنهاني وقال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال: "إنها" أي الشمس "تورث الكسل" بفتحتين عدم النشاط، "وتثير" تحرك "الداء الدفين" أي المدفون في البدن، وظاهره ولو في الشتاء فالكون فيها منهي عنه إرشادا لضرره، وبه صرح جمع من الأطباء، وقال الحارث بن كلدة: إياكم والقعود في الشمس فإن كنتم لا بد فاعلين فتنكبوها بعد طلوع النجم أربعين يوما، ثم أنتم وهي سائر السنة، وعن ابن عباس مرفوعا: "إياكم والجلوس في الشمس، فإنها تبلي الثوب وتنتن الريح وتظهر الداء الدفين"، أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق محمد بن زياد الطحان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، لكن قال الذهبي: هو من وضع الطحان.
"ذكر الحمية من داء البواسير":
عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجامعن أحدكم وبه حقن خلاء، فإنه يكون منه البواسير" رواه أبو أحمد الحاكم.
__________
ذكر الحمية من داء البواسير:
جمع باسور، قيل: هو ورم تدفعه الطبيعة إلى كل موضع في البدن يقبل الرطوبة من المقعدة، والأنثيين والأشفار وغير ذلك، فإن كان في المقعدة لم يكن حدوثه دون انتفاخ أفواه العروق، وقد تبدل السين صادا، فيقال: باصور، وقيل: غير عربي، كذا في المصباح، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجامعن أحدكم" حليلته "وبه حقن" بفتح فسكون مصدر حقن، كنصر، أي احتباس "خلاء" بالمد وخاء معجمة المتوضأ، "فإنه يكون منه البواسير" أي: من احتباس البول الزائد المحوج إلى الخروج إلى الخلاء، فلعل إضافة حقن إليه للإشارة إلى أن الذي يورث البواسير هو الاحتباس الزائد، بحيث يحتاج صاحبه إلى تفريغ نفسه في المحل المعد لذلك.
"رواه أبو أحمد" محمد بن محمد النيسابوري، "الحاكم،" الكبير، الحافظ، الجهبذ، محدث خراسان مع العبادة والصلاح والمشي على سنن السلف وكثرة التصانيف، سمع ابن خزيمة والبغوي الكبير، وخلقا بالعراق والشام والجزيرة، وعنه أبو عبد الرحمن السلمي، والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الموافق له في الاسم والنسبة واللقب، وإنما افترقا في الكنية واسم الأب، وقال: إنه إمام عصره في هذه الصنعة، مات في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وله ثلاث وسبعون سنة، ومات تلميذه الحاكم سنة خمس وأربعمائة، هذا هو المنقول في غير ما كتاب.

الصفحة 20