كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

ذلك.
وأما "الرؤيا" بوزن فعلى -وقد تسهل الهمزة- فهي ما يراه الشخص في منامه.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: الرؤيا إدراكات يلقيها الله تعالى في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان، إما بأسمائها، أي حقيقتها، وإما بكناها أي بعبارتها، وإما تخليطا.
وذهب القاضي أبو بكر بن الطيب: إلى أنها اعتقادات، واحتج بأن الرائي قد
__________
في نسخ صحيحة "بالواو"، لأنهما إطلاقان متقابلان بمعنيين مختلفين، خلاف ما في نسخ سقيمة بأو، والتخفيف هو الذي اعتمده الأثبات وأنكروا التشديد، لكن قال الزمخشري: عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب الكامل لبعض الأعراب:
رأيت رؤيا ثم عبرتها ... وكنت للأحلام عبارا
"وأما الرؤيا بوزن فعلى" "بضم الفاء قسيم لمقدر" أي أما التعبير فمأخوذ من عبرت الرؤيا إلى آخره، "وقد تسهل الهمزة" بإبدالها واوا، ثم قد تبقى ظاهرة، وقد تقلب ياء وتدغم فيما بعدها، فيتحصل من ذلك ثلاث لغات، "فهي ما يراه الشخص في منامه" فهي كالرؤية، ففرق بينهما بتاء التأنيث، كالقربة والقربى.
وقال القرطبي: الرؤيا مصدر رأى في منامه، والرؤية مصدر رأى في اليقظة، وقد تكون الرؤية مصدر رأى يقظة، كقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} [الإسراء: 60] ؛ لأن الصحيح أن الإسراء يقظة.
"قال القاضي أبو بكر بن العربي: الرؤية إدراكات يلقيها" وفي نسخة: يخلقها، وهما ظاهرتان، وفي آخر: علقها، أي أثبتها "الله تعالى في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان، إما بأسمائها أي حقيقتها" بأن يخلق صورة ما يراه في المنام، كما هو موجود مشاهد في الخارج، إما حالا، وإما مآلا، كأن يرى صورة إنسان يعرفه في اليقظة على صفة خاصة، أو يخاطب بشيء معلوم، "وإما بكناها، أي بعباراتها" بأن يخلق في قلبه شيئا هو علامة على أمور يخلقها في الحال، أو كان قد خلقها فيقع ذلك، "وإما تخليطا" بأن يخلق في قلبه حقيقة ما يراه، وم هو دال على أمور تقوم به.
قال: أعني ابن العربي: ونظيرها في اليقظة الخواطر، فإنها قد تأتي على نسق، وقد تأتي مسترسلة غير محصلة.
"وذهب القاضي أبو بكر" محمد "بن الطيب" الباقلاني "إلى أنها اعتقادات" أي ربط

الصفحة 29