كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

الله للعالم حدا يقف عنده، فمنه ما يعلم المراد به جملة وتفصيلا، ومنه ما يعلم جملة لا تفصيلا، وهذا من هذا القبيل.
وقد تكلم بعضهم على الرواية المشهورة وأبدى لها مناسبة، فنقل ابن بطال عن أبي سعيد السفاقسي أن بعض أهل العلم ذكر أن الله تعالى أوحى إلى نبيه في المنام ستة أشهر، ثم أوحى إليه بعد ذلك في اليقظة بقية مدة حياته، ونسبتها إلى الوحي في المنام جزء من ستة وأربعين جزءا؛ لأنه عاش بعد النبوة ثلاثا وعشرين سنة على الصحيح.
قال ابن بطال: هذا تأويل بعيد من وجهين:
أحدهما: أنه قد اختلف في قدر المدة التي بعد بعثه صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه يبقى حديث السبعين جزءا بغير معنى.
وهذا الذي قاله من الإنكار في هذه المسألة سبقه إليه الخطابي فقال: كان بعض أهل العلم يقولون في تأويل هذا العدد قولا لا يكاد يتحقق، وذلك أنه عليه
__________
للعالم حدا يقف عنده، فمنه ما يعلم المراد به جملة وتفصيلا، ومنه ما يعلم جملة لا تفصيلا، وهذا من هذا القبيل" الثاني، فلا يلزم بيان تلك الأجزاء، قال: ورجح بعض شيوخنا هذا الوجه، وقدح في القول، بأن مدة الرؤيا قبل النبوة ستة أشهر، بأنه لم يثبت، "وقد تكلم بعضهم على الرواية المشهورة" المبدأ بها، وهي جزء من ستة وأربعين، "وأبدى لها مناسبة" واعترض، وإذا أردت بيان ذلك، "فنقل ابن بطال عن أبي سعيد السفاقسي أن بعض أهل العلم ذكر أن الله أوحى إلى نبيه في المنام ستة أشهر، ثم أوحى إليه بعد ذلك في اليقظة" "بفتح القاف" خلاف النوم "بقية مدة حياته، ونسبتها إلى الوحي في المنام جزء من ستة وأربعين جزءا" من النبوة، "لأنه عاش بعد النبوة ثلاثا وعشرين سنة على الصحيح" وقيل: عشرين، وقيل: خمسا وعشرين.
"قال ابن بطال هذا تأويل بعيد من وجهين، أحدهما: أنه قد اختلف في قدر المدة التي بعد بعثه صلى الله عليه وسلم" لكن قد اعترف بأنه بناه على الصحيح، فلا معنى لاستبعاده بهذا؛ "والثاني أنه يبقى حديث السبعين جزءا بغير معنى", قال الحافظ: ويضاف إليه بقية الأعداد الواردة، أي: في بقائها بغير معنى، "وهذا الذي قاله من الإنكار في هذه المسألة، سبقه إليه الخطابي فقال: كان بعض أهل العلم يقولون": أفاد الجمع تعدد قائل ذلك "في تأويل هذا العدد قولا لا يكاد يتحقق، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام أقام بعد الوحي ثلاثا وعشرين

الصفحة 39