كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

والدارمي.
وروى مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا".
قال الخطابي في "المعالم" في قوله: "إذ اقترب الزمان" قولان:
أحدهما: أن يكون معناه تقارب زمان الليل وزمان النهار، وهو وقت استوائهما، أيام الربيع، وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبا، قال: والمعبرون
__________
وأقره الذهبي.
"وروى مسلم من حديث" عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن "أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"، قال: "إذ اقترب" افتعل من القرب، وروي: "تقارب". "الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب" مبالغة، أي: لم تقرب أن تكذب، فضلا عن أن تكذب، ومنه قول ذي الرمة:
إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
أي لم يقرب من البراح، "وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا"، قال عياض: كان ذلك لأن غير الصادق يعتري الخلل رؤياه من وجهين: أحدهما: أن تحديثه نفسه يجري في نومه على جري عادته من الكذب، فتكون رؤياه كذلك، والثاني: أنه قد يحكي رؤياه، ويسامح في زيادة أو نقص أو تحقير عظيم، أو تعظيم حقير، فتكذب رؤياه لذلك، وبسط ذلك القرطبي كما يأتي، وخص عزوه لمسلم لزيادته: "وأصدقكم" ... إلخ، وإلا فهو في البخاري أيضا من وجه آخر، عن ابن سيرين أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمنين".
"قال الخطابي في المعالم" أي معالم السنن شرحه على أبي داود "في قوله: "إذا اقترب الزمان". قولان".
"أحدهما" وهو قول أبي داود "أن يكون معناه تقارب زمان الليل وزمان النهار" بأن يكون قدر أحدهما قريبا من الآخر، "وهو وقت استوائهما أيام الربيع" أي ربيع الزمان، وهو تلو الشتاء، ومراده أنه ليس الليل في غاية الطول، ولا النهار في غاية القصر، كأوائل الشتاء، ولا عكسه كأوائل الصيف، وليس المراد باستوائهما أن يكون الليل طول النهار في جميع فصل الربيع؛ لأنه خلاف الواقع، إذ لا يستويان إلا في أول ليلة منه، واليوم التالي لها، "وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبا" فلا يكون في المنام أضغاث أحلام، فإن من موجبات التخليط غلبة

الصفحة 42