كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وقيل: إن المراد بالزمان المذكور زمان المهدي عند بسط العدل وكثرة الأمن وبسط الخير والرزق، فإن ذلك الزمان يستقصر لاستلذاذه فتتقارب أطرافه.
وقال القرطبي في "المفهم": المراد -والله أعلم- بآخر الزمان المذكور في هذا الحديث، زمان الطائفة الباقية مع عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- بعد قتله الدجال، فأهل هذا الزمان أحسن هذه الأمة حالا بعد الصدر الأول، وأصدقهم أقوالا، فكانت رؤيا لا تكذب، ومن ثم قال عقب هذا: "وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا"، وإنما كان كذلك لأن من كثر صدقه تنور قلبه، وانتقشت فيه المعاني على وجه الصحة، وكذلك من كان غالب أحواله الصدق في يقظته فإنه يستصحب ذلك في نومه فلا يرى إلا صدقا، وهذا بخلاف الكاذب والمخلط، فإنه يفسد
__________
العلم حيئنذ ينقطع بموت العلماء والصالحين والناهين عن المنكر، فجعل الله صدق الرؤيا زاجرا لهم وحجة عليهم.
"وقيل: إن المراد بالزمان المذكور زمان المهدي" محمد بن عبد الله الحسني الحسيني، "عند بسط العدل وكثرة الأمن، وبسط الخير" المال "والرزق، فإن ذلك الزمان يستقصر لاستلذاذه فتتقارب أطرافه", وأخذوا هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، وملحظ هذا التلذذ بحسن الزمان وطيب العيش، وملحظ ما قبله الهم بتغير الزمان بالهرج ونحوه، وهو بعد المهدي وعيسى، فهو غيره قطعا، فلا اتجاه لتجويز؛ أنه بيان لمعنى القول الثاني، لا مغاير له.
"وقال القرطبي في المفهم" في شرح مسلم: "المراد والله أعلم بآخر الزمان المذكور في هذا الحديث" إذا اقترب الزمان "زمان الطائفة الباقية مع عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بعد قتله الدجال، فأهل هذا الزمان أحسن هذه الأمة حالا بعد الصدر الأول", أي زمان الصحابة خير القرون، "وأصدقهم أقوالا، فكانت رؤيا لا تكذب", وهذا يلي زمان المهدي لأن عيسى حين ينزل يصلي خلفه، فيجتمعان، فيكون المراد حسن الزمان في الوقتين، "ومن ثم قال عقب هذا: "وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا". وإنما كان كذلك، لأن من كثر صدقه تنور قلبه" أي كثر نوره، "وانتقشت" أي ثبتت واستقرت "فيه المعاني على وجه الصحة" بحيث لا تزول عن الخاطر، فكأنها منقوشة، "وكذلك من كان غالب أحواله الصدق في يقظته، فإنه يستصحب ذلك في نومه، فلا يرى إلا صدقا".
ولذا لما كان صلى الله عليه وسلم أصدق العالمين، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، "وهذا بخلاف الكاذب والمخلط" بالمعاصي "فإنه يفسد قلبه ويظلم، فلا يرى إلا تخليطا

الصفحة 44