كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

قلبه ويظلم، فلا يرى إلا تخليطا وأضغاثا، وقد يندر المنام أحيان، فيرى الصادق ما لا يصح، ويرى الكاذب ما يصح، ولكن الأغلب الأكثر ما تقدم. انتهى ملخصا.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأى أحدكم في منامه الرؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليتحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها، فإنها لا تضره". رواه البخاري.
وفي رواية مسلم: "ورؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا
__________
وأضغاثا، وقد يندر المنام أحيانا، فيرى الصادق ما لا يصح، ويرى الكاذب ما يصح، ولكن الأغلب الأكثر ما تقدم. انتهى ملخصا" كلام القرطبي.
وقيل: المراد إذا اقترب أجل الإنسان بمشيئته، فإن رؤياه قلما تكذب لصفاء باطنه ونزوع الشهوات عنه، فنفسه حينئذ لمشاهدة الغيب أميل.
"وعن أبي سعيد الخدري" سعد بن مالك بن سنان الصحابي ابن الصحابي، "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم": "إذا رأى أحدكم في منامه الرؤيا يحبها". صفة الرؤيا أو حال منها، "فإنما هي من الله" لا دخل فيها للشيطان، ولا للأضغاث، "فليحمد الله عليها" بأن يقول: الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يحبه قال ذلك، "وليتحدث بها"، "بتحتية ففوقية وفتح الدال المهملة" رواية أبي ذر، ورواه غيره: "وليحدث". "بكسر الدال دون فوقية"، "وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان".
قال عياض: نسبتها إلى الله للتكريم، والتشريف، لطهارتها من حضور الشيطان وإفساده لها، وسلامتها من الأضغاث، أي التخليط وجمع الأشياء المتضادة بخلاف المكروهة، وإن كانتا جميعا من خلق الله تعالى وبإرادته، ولا فعل للشيطان فيها، لكنه يحضرها ويرضاها ويسر بها، فلذا نسبت إليه، أو لأنها مخلوقة على طبعه من التحذير والكراهة التي خلق عليها، أو لأنها توافقه، ويستحسنها لما فيها من شغل بال المسلم وتضرره بها، "فليستعذ بالله من شرها" أي الرؤيا، "ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره"، لأن الله جعل ذلك سببا لسلامته من مكروه يترتب عليها، كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببا لدفع البلاء.
"رواه البخاري" في التعبير، "وفي رواية مسلم" عن أبي قتادة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرؤيا الصالحة من الله، ورؤيا السوء". أي سوء الظاهر، أو سوء التأويل احتمالان لعياض "من الشيطان" لأنه يخيل فيها، ولأنها تناسب صفته من الكذب والتهويل وغير ذلك، "فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا، فلينفث" "بكسر الفاء وضمها"، "عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان

الصفحة 45