كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

بالله من الشيطان، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".
قال النووي: وينبغي أن يجمع هذه الروايات كلها، ويعمل بجميع ما تضمنته، فإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها كما صرحت به الأحاديث.
وتعقبه الحافظ ابن حجر بأنه لم ير في شيء من الأحاديث الاقتصار على واحد، ثم قال: لكن أشار المهلب إلى أن الاستعاذة كافية في دفع شرها. انتهى.
ولا ريب أن الصلاة تجمع ذلك كله كما قال القرطبي، لأنه إذا قام يصلي تحول عن جنبه، وبصق ونفث عند المضمضة في الوضوء، واستعاذ قبل القراءة، ثم دعا الله في أقرب الأحوال إليه، فيكفيه الله شرها.
__________
اللسان، كما أشار إليه بعض الأعيان.
قال الحافظ: وورد في صفتها أثر صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد الرزاق، بأسانيد صحيحة عن إبراهيم النخعي، قال: إذا رأى أحدكم في منامه، ما يكره، فليقل: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله "من" شر رؤياي هذه أن يصيبني منها ما أكره في ديني أو دنياي.
وقال غيره: وزاد أنه يقول: اللهم إني أعوذ بك من عمل "الشيطان" وسيئات الأحلام، رواه ابن السني: "وليتحول عن جنبه الذي كان" مضطجعا "عليه" حين رأى ذلك.
"قال النووي: وينبغي أن يجمع هذه الروايات كلها ويعمل بجميع ما تضمنته، فإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها، كما صرحت به الأحاديث، وتعقبه الحافظ ابن حجر بأنه لم ير في شيء من الأحاديث، الاقتصار على واحد" بل في بعضها أربع، وفي بعضها ثلاث، وفي بعضها ثنتان، "ثم قال: لكن أشار المهلب إلى أن الاستعاذة كافية في دفع شرها".
قال الحافظ: وكأنه أخذه من قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 89، 99] ، فيحتاج مع الاستعاذة إلى صحة التوجه، ولا يكفي إمرار الاستعاذة باللسان. "انتهى".
"ولا ريب أن الصلاة تجمع ذلك كله، كما قاله القرطبي" في المفهم، "لأنه إذا قام يصلي تحول عن جنبه" تحولا زائدا، "وبصق ونفث عند المضمضة في الوضوء، واستعاذ قبل القراءة، ثم دعا الله في أقرب الأحوال إليه، فيكفيه الله شرها", وهذا وإن كان وجيها، لكن ظاهر الأحاديث يأباه، لا سيما قوله: ويبصق عن يساره حين يهب من نومه، إذ المتبادر منه الإسراع به عقب النوم، وإن البصق غير بصق مضمضة الوضوء الذي يأتي به بعد ذلك للصلاة

الصفحة 48