كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وذكر بعضهم سابعة: وهي قراءة آية الكرسي، ولم يذكر لذلك مستندا، فإن كان أخذه من عموم قوله في حديث أبي هريرة: ولا يقربك شيطان فمتجه، قال: وينبغي أن يقرأها في صلاته المذكورة.
وحكمة التفل -كما قال القاضي عياض- أمر به طردا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة، تحقيرا له واستقذارا، وخصت به اليسار لأنها محل الأقذار ونحوها، والتثليث للتأكيد.
وقد ورد التفل والنفث والبصق، وقال النووي في الكلام على النفث في
__________
المطلوبة أيضا.
"وذكر بعضهم سابعة، وهي قراءة آية الكرسي، ولم يذكر لذلك مستندا" يدل عليه، "فإن كان أخذه من عموم قوله في حديث أبي هريرة" عند البخاري: "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرس من أولها حتى تختم الآية {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] ولن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان" حتى تصبح، "فمتجه" في الجملة، وإلا فهو عند إرادة النوم، وهذا عند الانتباه منه بسبب رؤيا مكروه، فيحتاج إلى دليل خاص.
"قال" الحافظ ابن حجر: "وينبغي أن يقرأها في صلاته المذكورة", وقد ذكر العلماء حكمة هذه الأمور، فأما الاستعاذة بالله من شرها فواضح، وهي مشروعة عند كل أمر يكره، وأما الاستعاذة من الشيطان، فلما وقع في بعض طرق الحديث أنها منه، وأنه يخيل بها لقصد تحزين الآدمي والتهويل عليه، "وحكمة التفل كما قال القاضي عياض: أمر به طردا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة تحقيرا له واستقذارا" له، كما يبصق على الشيء المستقذر، "وخصت به اليسار، لأنها محل الأقذار ونحوها" وقوله: "والتثليث للتأكيد" ليس هو من كلام القاضي، بل زاده الحافظ عقبه.
قال الحكيم الترمذي: هذا التفل واصل إلى وجه الشيطان واقع عليه، فالتفل مع تعوذ الرائي بالله يرد الذي جاء به من النزغة والوسوسة، كالنار إلى وجهه، فيحترق ويصير قروحا.
ورد عن الربيع بن خيثم أنه قص عليه رؤيا منكرة، فأتاه رجل، وقال: رأيت في المنام رجلا يقول: أخبر الربيع بأنه ن أهل النار، فتفل عن يساره، وتعوذ فرأى ذلك الرجل في الليلة الثانية أن رجلا جاء بكلب، فأقامه بين يديه وفي عنقه حبل وفي جبهته قروح، فقال: هذا ذلك الشيطان وهذه القروح تلك النفثات التي نفثها في وجهه الربيع.
"وقد ورد التفل والنفث والبصق".

الصفحة 49