كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

كما هم". رواه البيهقي من طريق العلاء بن الحارث عنها، وقال: هذا مرسل جيد، يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة.
وقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة، لكن ضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجه في صحيحه، ومن أمثلها -كما نبه عليه الحافظ ابن رجب- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم فخرجت فإذا هو بالبقيع، رافعا رأسه إلى السماء، فقال: "أكنت تخافين أن
__________
شرف عظيم، كما أفاده قوله: "إن الله عز وجل يطلع على عباده" اطلاع غفران ورحمة "ليلة النصف من شعبان" لم يقل فيها وإن كان أخصر لئلا يتوهم أن اطلاعه خاص بليلة نصف تلك السنة فقط، فأشار إلى أنه في كل سنة "فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين" بكسر الحاء طالبي المغفرة والرحمة، "ويؤخر أهل الحقد" بكسر الحاء الانطواء على العداوة والبغضاء "كما هم"، أي: يتركهم بحقدهم فلا يغفر لهم حتى يتوبوا ويزيلوا عقد إصرار حقدهم، لأنهم مبغضون له بشهادة قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليبغض الذين يكنزون البغضاء لإخوانهم في صدورهم". رواه الديلمي وفيه تحذير شديد وتنفير عظيم من العداوة والبغضاء وتغيير القلوب، يفيد أنه من أعظم الكبائر وأفظع القبائح لا سيما إن كانوا أقارب.
"رواه البيهقي" في الشعب "من طريق العلاء بن الحارث" بن عبد الوارث الحضرمي الدمشقي صدوق فقيه رمي بالقدر، واختلط مات سنة ست وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة، روى له مسلم والأربعة "عنها" أي: عائشة "وقال" البيهقي هذا "مرسل جيد يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة" فأراد بالإرسال الانقطاع قال البيهقي ويحتمل أن يكون العلاء أخذه عن مكحول.
"وقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة، لكن ضعفها الأكثرون" من المحدثين لضعف رواتها وكون بعضهم مجهولين، "وصحح ابن حبان بعضها وخرجه في صحيحه" تساهلا في بعضها وإطلاقا لاسم الصحيح على الحسن في بعضها بجامع الاحتجاج بهما، "ومن أمثلها" أصل معناه أفضلها، والمعنى هنا أقربها للقبول وإن كان ضعيفا، لأن ضعفه لم يشتد "كما نبه عليه الحافظ" عبد الرحمن "بن رجب" الحنبلي "حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: فقدت" بفتح القاف، أي: عدمت "النبي صلى الله عليه وسلم" ليلة كما في الرواية وفي لفظ ذات ليلة، أي: طلبته في فراشه وفي البيت ليلة نصف شعبان فلم أجده.
وفي رواية للبيهقي والدارقطني عنها: كانت ليلة النصف ليلتي وكان صلى الله عليه وسلم عندي، فلما كان في جوف الليل فقدته، فأخذني ما يأخذ النساء من الغيرة، فتلفعت بمرطي، "فخرجت" من البيت

الصفحة 559