كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وفي سنن ابن ماجه، بإسناد ضعيف، عن علي مرفوعا: "إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارا، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى
__________
وابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجه والبييهقي، كلهم من طريق الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة.
"وقال الترمذي: إن البخاري ضعفه" لفظ الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج، وسمعت محمدًا يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى لم يسمع من عروة والحجاج لم يسمع من يحيى. انتهى.
وهو مسلم في الثاني: وأما سماع يحيى من عروة، فنفاه أيضا أبو زرعة وأبو حاتم فيما ظنه، وأثبته ابن معين، والمثبت مقدم على النافي، وقول الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه تقصير، فقد جاء من ثلاثة أوجه غيره، كما بينه الحافظ الزين العراقي، وبالجملة فبعضها يعضد بعضا، فيرتقي إلى الحسن لغيره، ولذا قال ابن رجب، إنه من أمثلها، قال: ومن أمثلها أيضا حديث معاذ، رفعه: يطلع الله ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن، فإن ابن حبان قد صححه وكفى به عمادا. انتهى.
وفيه رد على قول ابن دحية لم يصح في ليلة نصف شعبان شيء إلا أن يريد نفي الصحة الاصطلاحية، فإن حديث معاذ هذا حسن لا صحيح، وقد رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي، ورواه ابن ماجه من حديث أبي موسى بلفظ: إن الله ليطلع ... إلخ، ورواه البزار والبيهقي من حديث أبي بكر، قال الحافظ، المنذر وإسناده لا بأس به، "وفي سنن ابن ماجه بإسناد ضعيف" كما جزم به المنذري والعراقي مبينا وجه ضعفه، لكن ليس فيه كذاب ولا وضاع وله شواهد تدل على ثبوت أصله، "عن علي" أمير المؤمنين "مرفوعا" عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان" كذا في النسخ، ووجد بخط الحافظين الزين العراقي والسيوطي: كانت "ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها" أي: أحيوه بالعبادة وانصبوا أقدامكم لله قانتين، "وصوموا نهارها" استحبابا فيهما، "فإن الله تعالى ينزل" بفتح التحتية "فيها لغروب الشمس" أي: عند غروب شمس رابع عشر شعبان، أي: تواريها في مغيبها، واللام للتوقيت نحو كتبته لخمس خلون، والمعنى، أن وقت نزوله مقارن غروب الشمس "إلى سماء الدنيا" من قبيل مسجد الجامع والقياس السماء الدنيا كما في عدة أحاديث أخر نزول رحمة ومزيد لطف وإجابة دعوة وقبول معذرة لا نزول حركة وانتقال تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وبقوله: لغروب الشمس علم مزيتها على غيره من الليالي، فإن النزول الإلهي من الثلث الأخير أو من نصف الليل، "فيقول: ألا" بفتح الهمزة وخفة اللام حرف

الصفحة 561