كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

تنامان ولا ينام قلبي". رواه البخاري ومسلم.
وأما ما رواه ابن أبي شيبة من حديث ابن عباس: كان صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر. فإسناده ضعيف. وقد عارضه حديث عائشة هذا، وهي أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلا من غيرها.
وقد كان الأمر من زمنه عليه السلام استمر على أن كل واحد يقوم في رمضان في بيته منفردا، حتى انقضى صدر من خلافة عمر.
وفي البخاري: أن عمر خرج ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال
__________
لا نوم قبل الوتر، فأجابها صلى الله عليه وسلم بأنه ليس كغيره، "فقال": "يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي" لأن القلب إذا قويت حياته لا ينام إذا نام البدن، وإنما يكون ذلك للأنبياء، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا" ولا يعارضه نومه بالوادي، لأن رؤية الفجر تتعلق بالعين لا بالقلب كما سبق مبسوطا، "رواه البخاري ومسلم" والسنن الثلاث، كلهم من طريق مالك عن سعيد المقبري عن أبي سلمة به.
"وأما ما رواه ابن أبي شيبة" عبد الله بن محمد بن إبراهيم وهو أبو شيبة "من حديث ابن عباس: كان صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر، فإسناده ضعيف" وعبر عنه بعضهم بمنكر والمنكر من أقسام الضعيف، فهما بمعنى فلا عليك من الخيالات العقلية، "وقد عارضه حديث عائشة هذا" المتفق على صحته، "وهي أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلا من غيرها" فيقدم حديثها لهذين الوجهين، "وقد كان الأمر من زمنه عليه السلام، استمر على أن كل واحد يقوم في رمضان في بيته منفردا حتى انقضى صدر،" أي: مدة نحو سنتين "من خلافة عمر" بن الخطاب كما رواه مالك عن ابن شهاب.
"وفي البخاري" عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرمن بن عبد "أن عمر خرج ليلة" لفظه، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة "في رمضان إلى المسجد" النبوي، "فإذ الناس أوزاع"، "بفتح الهمزة وسكون الواو فزاي فألف فعين مهملة" جماعات "متفرقون" نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة، لأن الأوزاع الجماعات المتفرقة لا واحد له من لفظه.
وقال ابن فارس والجوهري والمجد: الأوزاع الجماعات لم يقولوا متفرقون، فعليه يكون النعت للتخصيص، أراد أنهم كانوا يتنقلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرقين، "يصلي

الصفحة 576