كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وقد روى محمد بن نصر من طريق داود بن قيس، قال: أدركت الناس في إمارة إبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز -يعني بالمدينة- يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث. وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.
وعن الزعفراني عن الشافعي: رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في شيء من ذلك ضيق.
وعنه قال: إن أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن، وإن أكثروا السجود وأخفوا القراءة فحسن، والأول أحب إليّ. انتهى.
وهل يجوز لغير أهل المدينة صلاتها ستا وثلاثين، قال النووي قال الشافعي: لا يجوز ذلك لغيرهم، لأن لأهلها شرفا بهجرته عليه الصلاة والسلام ومدفنه، ويخالفه قول الحليمي: من اقتدى بأهل المدينة فقام بست وثلاثين فحسن أيضا.
__________
الركعات تقل القراءة تخفيفا عليهم، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات قاله الباجي بمعناه.
"وقد روى محمد بن نصر" المروزي "من طريق داود بن قيس" المدني الثقة الفاضل، "قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان" بن عفان "وعمر بن عبد العزيز، يعني: بالمدينة يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث، وقال مالك" الإمام "هو الأمر القديم عندنا" بالمدينة: "وعن الزعفراني عن الشافعي: رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق" لأنه نافلة، "وعنه قال: إن أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن، وإن أكثروا السجود وأخفوا القراءة فحسن، والأول أحب إلي" لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت". "انتهى".
"وهل يجوز لغير أهل المدينة صلاتها ستا وثلاثين، قال النووي: قال الشافعي لا يجوز ذلك لغيرهم لأن لأهلها شرفا بهجرته عليه السلام" إليها "ومدفنه" بها "ويخالفه: قول" الشفعي فوقه ليس في شيء من ذلك ضيق، لأنه نافلة وقد أسنده عنه البيهقي، وقول "الحليمي: من اقتدى بأهل المدينة فقام بست وثلاثين فحسن أيضا" لأنهم إنما أرادوا بما صنعوا الاقتداء بأهل مكة في الاستكثار من الفضل، لا المنافسة كما ظن بعضهم، هكذا علله الحليمي نفسه.
قال المصنف: وإنما فعل أهل المدينة هذا إرادة مساواة أهل مكة، فإنهم كانوا يطوفون سبعا بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات وقد حكى الولي العراقي أن والده الحافظ لما ولي إمامة مسجد المدينة أحيا سنتهم القديمة في ذلك مع مراعاة ما عليه الأكثر، فكان يصلي التراويح أول الليل بعشرين ركعة على المعتاد، ثم يقوم آخر الليل في المسجد بست عشرة ركعة فيختم في الجماعة في شهر رمضان ختمتين، واستمر على ذلك

الصفحة 580