كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

ويجوز النصب في قوله: "الدين". والتقدير: أولت الدين، ويجوز الرفع.
وفي رواية الحكيم المذكورة: على الإيمان.
وقد قيل في وجه تعبير القميص بالدين أن القميص يستر العورة في الدنيا، والدين يسترها في الآخرة ويحجبها عن كل مكروه، والأصل في قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26] .
واتفق أهل التعبير على أن القميص يعبر بالدين، وأن طوله يدل على بقاء آثار صاحبه من بعده. وقال ابن العربي: إنما أول النبي صلى الله عليه وسلم القميص بالدين، لأن الدين يستر عورة الجهل كما يستر القميص عورة البدن. قال: وأما غير عمر فالذي كان
__________
إنصاف ساقيه" بجمع إنصاف كراهة توالي تثنيتين، "ويجوز النصب في قوله الدين" على أنه معمول أولت، "والتقدير أولت الدين، ويجوز الرفع" أي هو الدين، وظاهره استواؤهما وليس كذلك، فإن الحافظ قال: بالنصب، ويجوز الرفع، فمفاده أن الرواية بالنصب، وكذا جزم به المصنف في الإيمان وغيره.
"وفي رواية الحكيم المذكورة" قال: "على الإيمان" أولته بدل قوله: قال الدين "وقد قيل في وجه تعبير القميص بالدين أن القميص يستر العورة في الدنيا، والدين يسترها في الآخرة ويحجبها عن كل مكروه" فهو من التشبيه البليغ، لأنه يستر العورة، والدين يستره من النار، كما قال المصنف، "والأصل في قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى} العمل الصالح، أو السمت الحسن أو خشية الله، أو لباس الحرب، بالنصب عطفا على "لباسا"، والرفع مبتدأ خبره {ذَلِكَ خَيْرٌ} أو الخير خير وذلك صفته كأنه قيل: ولباس التقوى المشار إليه, ولم يقل المصنف الآية، وإن وقعت في الفتح، لأن الاستدلال لا يتوقف على تمامها، وهم إنما يقولون الآية إذا كان في باقيها تمام الاستدلال.
"واتفق أهل التعبير على أن القميص يعبر بالدين، وأن طوله يدل على بقاء آثار صاحبه من بعده" وذلك مناسب لحال عمر فإن دينه متين وآثاره باقية.
"وقال ابن العربي: إنما أول النبي صلى الله عليه وسلم القميص بالدين، لأن الدين يستر عورة الجهل" فيشمل الإنسان ويحفظه ويمنعه من المخالفات، "كما يستر القميص عورة البدن" فوجه الشبه الستر والشمول، ولا يشكل ظاهره بأنه يستلزم فضل عمر على أبي بكر؛ لأن المراد بالأفضل الأكثر ثوابا والأعمال علاماته، فمن كان عمله أكثر فدينه أقوى، ومن كان دينه أقوى فثوابه أكثر، ومن كان ثوابه أكثر فهو أفضل، لأنه ليس في الحديث تصريح بالمطلوب، فيحتمل أن أبا بكر

الصفحة 69