كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

نائم رأيت أنه وضع في يدي سواران من ذهب ففظعتهما وكرهتهما، فأذن لي فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان". فقال عبيد الله: أحدهما العنبسي الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة.
__________
فقال صلى الله عليه وسلم: "لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت".
قال عبيد الله: فسألت ابن عباس عن رؤياه التي ذكرها، "فقال ابن عباس: ذكر لي" "بضم أوله مبينا للمفعول" وإبهام الصحابي لا يقدح، والذاكر له أبو هريرة، كما في الصحيحين من طريق نافع بن جبير.
قال ابن عباس: فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا" بغير ميم، قاله المصنف في المحلين "أنا نائم رأيت أنه وضع" بضم الواو "في يدي" بالتثنية "سواران"، "تثنية سوار بالكسر، ويجوز بالضم"، ولأبي ذر: إسواران "بكسر الهمزة وسكون المهملة تثنية إسوار لغة في سوار "من ذهب" من لبيان الجنس، كقوله تعالى: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 21] ، فهي القلب، "ففظعتهما"، "بفاء وظاء مشالة بعدها عين مهملة"، يقال: فظع الأمر، فهو فظيع إذا جاوز المقدار، قال ابن الأثير: الفظيع الأمر الشديد، وجاء هنا متعديا، والمعروف: فظعت به وفظعت منه، فتحمل التعدية على المعنى أي خفتهما أو معنى فظعتهما اشتد عليّ أمرهما.
قال الحافظ: ويؤيد الثاني رواية: فكبرا علي، "وكرهتهما" لكونهما من حلية النساء، وهو عطف مسبب على سبب، أي كرهتهما لشدة أمرهم وقبحه، "فأذن لي"، "بضم الهمزة وكسر المعجمة".
وفي رواية نافع عن ابن عباس: "فأوحي إلي في المنام أن أنفخهما". "فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان" أي تظهر شوكتهما ومحاربتهما، "فقال عبيد الله" "بضم العين" ابن عبد الله، المذكور في السند، "أحدهما العنبسي" "بمهملة فنون ساكنة فسين مهملة" وهو الأسود صحب صنعاء، كما في الرواية الثانية، واسمه عبهلة "بفتح العين المهملة وسكون الموحدة وفتح الهاء" ابن كعب، وكان يقال له أيضا: ذو الحمار؛ لأنه كان يخمر وجهه، وقيل: هو اسم شيطانه، وقول الكرماني: لأنه علم حمارا إذا قال له اسجد يخصف رأسه، يقتضي أنه بحاء مهملة، والمعروف أنه بالخاء المعجمة، بلفظ الثوب الذي يختمر به، كما أفاده الحافظ "الذي قتله فيروز" الديلمي الصحابي "باليمن" لما خرج بصنعاء وادعى النبوة، وغلب على عاملها للنبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين بن أبي أمية المخزومي، وأخرجه منها، ويقال: أنه مر به، فلما حاذاه عثر الحمار، فادعى أنه سجد له، ولم يقم الحمار حتى قال له شيئا، فقام.
روى يعقوب بن سفيان والبيهقي من طريقه من حديث النعمان بن بزرج "بضم الموحدة

الصفحة 72