كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

وقال ابن العربي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوقع بطلان أمر مسيلمة والعنسي، فأول الرؤيا عليهما ليكونا ذلك، إخراجا للمنام عليهما، فإن الرؤيا إذا عبرت خرجت, ويحتمل أن يكون بوحي.
والمراد بـ"خزائن الأرض" الذي ذكرها، ما فتح على أمته من الغنائم، ومن ذخائر كسرى وقيصر وغيرهما، ويحتمل معادن الأرض التي فيها الذهب والفضة.
وقال القرطبي: إنما كبر عليه السواران لكون الذهب من حلية النساء، وما حرم على الرجال، وفي طيرانهما إشارة إلى اضمحلال أمرهما، ومناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا أن أهل صنعاء وأهل اليمامة كانوا مسلمين، فكانوا كالساعدين للإسلام، فلما ظهر فيهما الكذابان، وبهرجا على أهلهما بزخرف أقوالهما ودعاويهما الباطلة انخدع أكثرهم بذلك، فكأن الدين بمنزلة البلدين، والسوارين بمنزلة الكذابين، وكونهما من ذهب إشارة إلى ما زخرفا من الكذب، والزخرف من أسماء الذهب.
__________
لم يغزهما بنفسه أما الأسود، فقتله فيروز الصحابي في مرض موته صلى الله عليه وسلم على الصحيح، وأما مسيلمة، فقتل في خلافة الصديق.
"وقال ابن العربي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوقع بطلان أمر مسيلمة والعنسي، فأول" أي حمل "الرؤيا عليهما، فيكون ذلك إخراجا للمنام عليهما، فإن الرؤيا إذا عبرت خرجت" أي وقعت على الوجه الذي عبرت به، "ويحتمل أن يكون" تعبيره إياها بهما "بوحي" أوحى إليه بتعيينهما، "والمراد بخزائن الأرض التي ذكرها ما فتح على أمته من الغنائم، ومن ذخائر كسرى وقيصر وغيرهما، ويحتمل معادن الأرض التي فيها الذهب والفضة" وقال غيره: بل يحمل على أعم من ذلك.
"وقال القرطبي" أبو العباس في المفهم: "إنما كبر عليه السواران، لكون الذهب من حلية النساء، ومما حرم على الرجال" فلا يليق ذلك بعلي مقامه، "وفي طيرانهما إشارة إلى اضمحلال أمرهما" وعدم ثباته، "ومناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا أن أهل صنعناء وأهل اليمامة كانوا مسلمين، فكانوا كالساعدين" تثنية ساعد، ما بين المرفق والكتف مذكر "للإسلام، فلما ظهر فيهما الكذابان، وبهرجا" زورا وزخرفا "على أهلهما بزخرف أقوالهما" المفسد لعقولهما "ودعاويهما الباطلة، انخدع أكثرهم بذلك، فكأن اليدين" الشريفتين اللتين وضع فيهما السواران "بمنزلة البلدين و"كأن "السوارين بمنزلة الكذابين، وكونهما من ذهب إشارة إلى ما زخرفا" أي حسنا "من الكذب، والزخرف من أسماء الذهب" ولذا قال: "اللذين أنا بينهما"،

الصفحة 76