كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

البخاري ومسلم.
وقد روى الإمام وغيره عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا تنحر، فأولت الدرع الحصينة المدينة، والبقر بَقْرًا".
وهذه اللفظة الأخيرة وهي "بقر" الموحدة، وسكون القاف، مصدر بقره يبقره بقرا.
__________
قال عياض: صحت الرواية فيها أنها بالضم مقطوعة عن الإضافة، أي بعد ما أصيبوا يوم أحد، "وثواب الصدق" أي صدق الوعد مع قريش يوم أحد على الاجتماع ببدر في العام القابل، فخرج صلى الله عليه وسلم إليها، وجبنت قريش فما خرجوا إليها "الذي أتانا"، "بالمد"، أي أعطانا "الله بعد يوم بدر" أي بدر الموعد، وهي الثالثة، وربما عبر عنها بالثانية، ولفظ الجلالة ثابت في الصحيحين، فلا عبرة بسقوطها في غالب نسخ المصنف.
قال عياض: صحت رواية في بعد "بالنصب" مضافة ليوم بدر، فهما أمران مختلفان أوتيهما في وقتين مختلفين، فيستحيل أن يكون المراد بيوم بدر، الغزوة الكبرى لتقدمها على أحد في رمضان سنة اثنتين، وأحد في شوال سنة ثلاث، فتعين أنها بدر الثانية في شوال سنة أربع.
"رواه البخاري" مفرقا في التعبير: وغزوة بدر، وغزوة أحد، وعلق أوله في الهجرة، وساقه تاما في علامات النبوة، لكنه في الجميع شك في رفعه، فيقول: أرى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ: قائل ذلك هو البخاري، كأنه شك هل سمع من شيخه صيغة الرفع أم لا؟
"و" أخرجه "مسلم" وأبو يعلى عن أبي كريب شيخ البخاري، فيه: فلم يترددا، بل جزما برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، "وقد روى الإمام أحمد وغيره" النسائي وابن سعد بإسناد صحيح، "عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت كأني في درع حصينة" منيعة، تمنع عن لابسها الأذى، "ورأيت بقرا" فزاد على السابقة: "تنحر" وبه يتضح التأويل.
وفي حديث ابن عباس: تذبح، "فأولت الدرع الحصينة المدينة" فهذا أيضا زيادة على السابق "و" أولت "البقر" "بفتحتين"، "بقرا"، "وهذه اللفظة الأخيرة، وهي بقر: "بفتح الموحدة وسكون القاف" مصدر بقره يبقره" كقتله يقتله، أي شق بطنه "بقرا" يكون فينا، قال: فكان من أصيب من المسلمين، كما زاد في حديث ابن عباس: ومنهم من ضبطها "بفتح النون والفاء"؛ لأن من وجوه التأويل التصحيف، ولفظ بقر مثل لفظ نفر "بنون وفاء" خطأ.
ويؤيده رواية مسلم: وإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد كما مر، قيل: إنما أول البقر بمن قتل، لأن البقر متسلحة بقرونها، وبها يدفع ويناطح بعضها بعضا، فأشبهت رجال الحرب، وخص القتل بأصحابه، وليس في الرؤيا دليل ظاهر على تخصيصهم، لأن البقر قد يعبر بها عن أهل

الصفحة 81