كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

ولهذا الحديث سبب جاء بيانه في حديث ابن عباس عند أحمد أيضا والنسائي والطبراني، وصححه الحاكم من طريق أبي الزناد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس في قصة أحد، وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يبرحوا من المدينة، وإيثارهم الخروج طلبا للشهادة ولبسه اللأمة وندامتهم على ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل". وفيه: "إني رأيت أني في درع حصينة" الحديث، بنحو حديث جابر، وأتم منه، وقد تقدمت الإشارة إليه في غزوة أحد من المقصد الأول.
والمراد بقوله: "وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر" فتح خيبر ثم مكة، أي ما جاء الله به بعد بدر الثانية من تثبيت قلوب المؤمنين.
__________
الحرب والبادية ومن يثير الأرض، لأنها تثيرها، ولأن الذكر منها ثور، وهذه صفة أصحابه الأنصار لاشتغالهم بالزراعة، وليست صفة غيرهم من قريش، أو لأن أصحابه الثائرين معه على الحرب، كذلك لتحريكهم جهتهم من الأرض، وقلبهم ظاهرها وباطنها.
قاله عياض: "ولهذا الحديث سبب، جاء بيانه في حديث ابن عباس عند أحمد أيضا، والنسائي والطبراني، وصححه الحاكم من طريق أبي الزناد" "بكسر الزاي وخفة النون" اسمه عبد الله بن ذكوان، "عن عبيد الله" "بضم العين" "ابن عبد الله" "بفتحها" "ابن عتبة" "بضمها وإسكان الفوقية" "عن ابن عباس في قصة أحد، وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يبرحوا" يخرجوا "من المدينة وإيثارهم" تقديمهم "الخروج طلبا للشهادة ولبسه" صلى الله عليه وسلم "اللأمة" "بهمزة ساكنة"، ويجوز تخفيفه الدرع، "وندامتهم على ذلك" بعدما دخل بيته، وقول بعضهم: استكرهتم رسول الله، "وقوله صلى الله عليه وسلم" حين خرج وعرضوا عليه القعود "لا ينبغي" لا يجوز "لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل" أو يحكم الله بينه وبين عدوه، وفيه: "إني رأيت أن في درع حصينة، الحديث بنحو حديث جابر" المذكور قبله، "وأتم منه" سياقا، "وقد تقدمت الإشارة إليه في غزوة أحد من المقصد الأول".
"والمراد بقوله": "وإذا الخير ما جاء الله به من الخير، وثواب الصدق الذي آتانا"، "بالمد" أعطانا "الله بعد يوم بدر". فتح خيبر وقريظة، "ثم مكة"، "أي ما جاء الله به بعد بدر الثانية" التي بعد أحد، وتسمى بدر الموعد، لتواعدهم عليها بعد فراغ غزوة أحد "من تثبيت قلوب المؤمنين" لأن الناس جمعوا لهم، فزادهم إيمانا وفرق العدو من هيبتهم، فلم يأتوها وأخلفوا الموعد.

الصفحة 82