كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب به المؤمنون يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان. فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين". رواه الشيخان.
وهذه أيضا من ضرب المثل ولما كان صلى الله عليه وسلم يصول بالصحابة عبر عن السيف بهم، وبهمزة عن أمره لهم بالحرب، وعن القطع فيه بالقتل فيهم، وبالهمزة
__________
هز سيفا في المنام، وكذا فعل في غزوة أحد، لكن ذكر بقيته، وهي: "ورأيت فيها بقرا ... إلخ ". أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ورأيت" في رواية الكشميهني: أريت "في رؤياي هذه" التي أولها قوله: "رأيت في المنام أني أهاجر". "أني هززت"، "بفتح الهاء والزاي الأولى وسكون الثانية"، "سيفا".
وفي رواية الكشميهني: سيفي بالإضافة، وهو ذو الفقار، "فانقطع صدره" , وعن ابن إسحاق: "ورأيت في ذباب سيفي ثلما". وعند ابن سعد من مرسل عروة والبيهقي في الدلائل، موصولا عن أنس: "ورأيت سيفي ذا الفقار قد انقصم". "فإذا هو" أن تعبيره "ما أصيب به المؤمنون يوم أحد" من قتل سبعين وفي رواية عروة: كأن الذي رأى بسيفه ما أصاب وجهه.
وقال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أنه صلى الله عليه وسلم: قال: "وأما الثلم في لسيف، فهو رجل من أهل بيتي يقتل" ولا خلف، فإن ذلك مما أصيب به المؤمنون، فإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيحين أصح، "ثم هززته أخرى".
قال القاضي عياض: وكذا رويناه من طريق العذري وابن هامان "بزائين" في الموضعين، يعني هذا وما قبله، قال: ووقع في طريق غيرهم في الموضعين: هززته بتشديد الزاي، وهي لغة بكر بن وائل "فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح" لمكة "واجتماع المؤمنين" وإصلاح حالهم.
قال القرطبي: يعني ما يفتح الله به بعد أحد، فإنهم لم يكلوا من الجهاد، وما ضعفوا بما أصابهم فيها، بل خرجوا صبيحتها ونزلوا حمراء الأسد، مستظهرين على عدوهم، ولم يزل أمرهم مجتمعا، وإيمانهم يعلو ويقوى.
"رواه الشيخان:" مسلم جزما برفعه في جملة الحديث المشتمل على ثلاثة أمور، والبخاري بهذه القطعة منه في التعبير، بلفظ: أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم "بضم الهمزة" أي أظنه، ومر قول الحافظ الشك من البخاري، ورواه مسلم وغيره جزما، عن أبي كريب محمد بن العلاء شيخ البخاري فيه، "وهذه" الرؤيا كما قال المهلب "أيضا من ضرب المثل" المحتاجة إلى التعبير، "و" وجهه أنه "لما كان صلى الله عليه وسلم يصول" يثب "بالصحابة" على القتال "عبر عن السيف" أي أوله "بهم وبهمزة" أي عبر عنه "عن أمره لهم بالحرب، وعن القطع فيه" أي السيف، وهو تفسير للثلم،

الصفحة 85