كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

عمر بن الخطاب، فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع ابن لخطاب حتى ضرب الناس بعطن".
وعبقري القوم: سيدهم وكبيرهم وقويهم.
وفي رواية: "فلم يزل ينزع حتى تولى الناس والحوض يتفجر".
وفي رواية: "وأتاني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليريحني".
__________
تفرق في كلام غيره.
ويؤيده حديث ابن مسعود عند الطبراني، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما عبرتها يا أبا بكر؟ "، قال: إليّ الأمر من بعدك، ثم يليه عمر، قال: "كذلك عبرها الملك". وفيه أيوب بن جابر، وهو ضعيف، "والله يغفر له" إشارة إلى أن ضعفه المراد به الرفق غير قادح فيه، أو المراد بالضعف ما وقع في أيامه من أمر الردة واختلاف الكلمة، إلى أن اجتمع ذلك في أواخر أيامه، وتكمل في زمان عمر، وإليه الإشارة بالقوة.
وفي حديث سمرة أن رجلا قال: يا رسول الله رأيت كأن دلوا من السماء دليت، فجاء أبو بكر فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فشرب حتى تضلع، ففي هذه إشارة إلى بيان المراد بالنزع الضعيف والنزع القوي، "ثم استحالت" أي تحولت الدلو "غربا"، "بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وموحدة" أي دلوا عظيما، "فأخذها عمر بن الخطاب فلم أر عبقريا" أي سيدا عظيما قويا "من الناس ينزع نزع ابن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن"، "بفتح المهملتين آخره نون" ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل، والمراد شربت الإبل بعطن بأن بركت، والعطن للإبل كالوطن للناس، لكن غلب على مبركها حول الحوض.
"وعبقري القوم سيدهم وكبيرهم وقويهم" وقيل: الأصل أن عبقر أرض تسكنها الجن فيما يزعمون، فكما رأوا شيئا فائقا غريبا مما يصعب علمه ويدق، أو ينشأ عظيما في نفسه، نسبوه إليه، ثم اتسع فيه، فسمي به السيد والكبير والقوي، وهو المراد هنا.
"وفي رواية" عند البخاري، عن همام، عن أبي هريرة: "فأتى ابن الخطاب، فأخذ منه، فلم يزل ينزع" يستخرج الماء من البئر بالدلو "حتى تولى الناس" أعرضوا "والحوض يتفجر" يتدفق منه الماء ويسيل.
"وفي رواية" هي رواية همام المذكورة: "وأتاني أبو بكر، فأخذ الدلو من يدي ليريحني من التعب، فنزع ذنوبين، وفي نزعه ضعف والله يغفر له، فأتى ابن الخطاب فأخذ" ... إلخ، فلو قال المصنف: وفي رواية: وأتاني أبو بكر، فأخذ الدلو من يدي ليريحني، إلى أن قال في عمر: فلم يزل ينزع ... إلخ، كان أحسن، لأن كلامه يوهم أنهما روايتان.

الصفحة 88