كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 10)

عمر فإنها لما طالت كثر انتفاع الناس بها واتسعت دائرة الإسلام بكثرة الفتوح وتمصير الأمصار وتدوين الدواوين، وليس في قوله: "والله يغفر له" نقص، ولا إشارة إلى أنه وقع منه ذنب، وإنما هي كلمة كانوا يقولونها. وقوله: "فاستحالت في يده غربا" أي تحولت الدلو غربا -بفتح المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة- أي: دلوا عظيمة.
وأخرج أحمد وأبو داود عن سمرة بن جندب أن رجلا قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلوا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب
__________
الضعف، وهنا في عزيمته، ولا خطأ من فضله عن عمر لقلة نزعه عن نزع عمر، بل هو إخبار عن حسن ولايته، والدعاء له بالمغفرة إعلام بأن الله جازاه على ما عاناه من حرب أهل الردة، فلا يظن أنه لتقصير وقع منه.
"وأما ولاية عمر فإنها لما طالت كثر انتفاع الناس بها واتسعت دائرة الإسلام بكثرة الفتوح وتمصير الأمصار وتدوين الدواوين، وليس في قوله: "والله يغفر له". نقص، ولا إشارة إلى أنه وقع منه ذنب وإنما هي كلمة كانوا يقولونها" يدعمون بها الكلام، أي يقومونه.
هكذا قال النووي تبعا لقول عياض: الأشبه عندي أن قوله: "والله يغفر له". دعامة للكلام ووصلة له، وقد جاء في الحديث، أنها كلمة كان المسلمون يقولونها، يقولون: افعل هذا والله يغفر لك، مثل قولهم: تربت يمينك وقاتله الله.
وقوله: "فاستحالت في يده" لم يذكرها فيما قدم، لكنها ثابتة في رواية نافع، عن ابن عمر عند البخاري "غربا"، "أي تحولت الدلو غربا بفتح المعجمة وسكون الراء، بعدها موحدة" أي: دلوا عظيمة" فتحولت من الصغر إلى الكبر.
"وأخرج أحمد وأبو داود عن سمرة" "بضم الميم" "ابن جندب" بن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور له أحاديث، مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين "أن رجلا قال: يا رسول الله رأيت كأن دلوا دلي" بضم المهملة وشد اللام أي أرسل "من السماء" إلى الأرض، "فجاء أبو بكر، فأخذ بعراقيها" "بكسر المهملة وفتح القاف" خشبتان تجعلان على فم الدلو، متخالفتان لربط الدلو، "فشرب شربا ضعيفا" أي قليلا، "ثم جاء عمر، فأخذ بعراقيها، فشرب حتى تضلع" "بضاد معجمة" أي ملأ أضلاعه كناية عن الشبع، "ثم جاء عثمان، فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع" أي شبع، وقد طالت مدة ولايته عن عمر، وفتح في زمانه مدائن العراق وخراسان والأهواز وبلاد المغرب بتمامها، ومن المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقتل كسرى وباد ملكه بالكلية، "ثم جاء علي فانتشطت"، "بضم المثناة وكسر المعجمة، بعدها طاء

الصفحة 91