كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 10)

والدليل على أنَّ أبا بكر كان هو الأمير، أنَّ عليّاً لمَّا لحقهُ قال: أمير أو مأمور؟ فقال: مأمور، ثم ساروا وقال أبو هريرة «بعثني أبو بكر في تلك الحجَّة في مؤذنين يوم النَّحْر، يؤذِّن بمنى ألاَّ يحجَّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان» .
قوله وأذانٌ. رفع بالابتداء، أي: أذان صادر، أو إعلام واصل، ومِنَ اللهِ إمَّا صفةً، أو متعلقٌ به، وإلى النَّاسِ الخبر، ويجوزُ أن يكون خبر مبتدأ محذوفٍ أي: وهذا إعلامٌ، والجارَّان متعلقان به، كما تقدَّم في براءة.
قال أبو حيَّان: «ولا وجه لقولِ من قال: إنه معطوف على» بَرَاءَةٌ «، كما لا يقال» عمرو «معطوف على» زيد «في: زيد قائم وعمرو قاعد» .
وقرأ الضحاك وعكرمة وأبو المتوكل «وإذْن» بكسر الهمزة وسكون الذَّال، وقرأ العامَّةُ «أنَّ الله» بفتح الهمزة على أحد وجهين، إمَّا كونه خبراً ل «أذانٌ» ، أي: الإعلامُ من اللهِ براءة من المشركين. وضعَّف أبو حيان هذا الوجه، ولم يذكر تضعيفه. وإمَّا على حذف حرفِ الجرِّ، أي: بأنَّ الله، ويتعلَّقُ هذا الجارَّ إمَّا بنفس المصدر، وإمَّا بمحذُوفٍ على أنه صفة ويَوْمَ منصوبٌ بما تعلَّق به الجارُّ في قوله إلى النَّاسِ. وزعم بعضهم أنَّه منصوبٌ ب «أذَانٌ» وهو فاسدٌ من وجهين:
أحدهما: وصفُ المصدر قبل عمله.
الثاني: الفَصْلُ بينه وبين معموله بأجنبي، وهو الخبرُ، وقرأ الحسنُ والأعرج بكسر الهمزة وفيه المذهبان المشهوران، مذهبُ البصريين إضمارُ القول، ومذهبُ الكوفيين إجراءُ الأذانِ مُجْرَى القول.
فصل
والأذانُ: الإعلامُ، قال الأزهري: «آذنْتُه إيذاناً. فالأذانُ يقوم مقام الإيذان، وهو المصدر الحقيقي» ومنه: أذان الصَّلاة، ومنه قوله عليه الصَّلاة والسَّلام للاّتي غسَّلن ابنته زينب: «فإذا فَرغتن فآذنَّني» أي: أعلمنني، فلمَّا فرغنا آذنَّاهُ، أي: أعلمناه، والأذانُ معروفٌ.

الصفحة 11