كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 17 @
الأمر التأخير ففعلت وخرجنا من حلب فما كنا على ميل من حلب حتى لقيناه قادما في هذا المعنى فأمره نور الدين بالمسير فلما قال له نور الدين ذلك التفت عمي إليفقال لي تجهز يا يوسف فقلت والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها فلقد قاسيت بالإسكندرية وغيرها ما لا أنساه أبدا فقال لنور الدين لا بد من مسيره معي فتأمر به فأمرني نور الدين وأنا استقيل وانقضى المجلس وتجهز أسد الدين ولم يبق غير المسير قال لي نور الدين لا بد من مسيرك مع عمك فشكوت إليه الضائقة وعدم البرك فأعطاني ما تجهزت به فكأنما أساق إلى الموت فسرت معه وملكها ثم توفي فملكني الله تعالى ما لا كنت أطمع في بعضه
وأما كيفية ولايته فإن جماعة من الأمراء النورية الذين كانوا بمصر طلبوا التقدم على العساكر وولاية الوزارة العاضدية بعده منهم عين الدولة الباروقي وقطب الدين ينال وسيف الدين المشطوب الهكاري وشهاب الدين محمد الحامي وهو خال صلاح الدين وكل واحد من هؤلاء يخطبها وقد جمع أصحابه ليغالب عليها فأرسل العاضد إلى صلاح الدين أحضره عنده وخلع عليه وولاه الوزارة بعد عمه وكان الذي حمله على ذلك أن أصحابه قالوا له ليس في الجماعة أضعف ولا أصغر سنا من يوسف والرأي أن يولى فإنه لا يخرج من تحت حكمنا ثم نضع على العساكر من يستمليهم إلينا فيصير عندنا من الجنود من نمنع بهم البلاد ثم نأخذ يوسف أو نخرجه فلما خلع عليه لقب الملك الناصر ولم يعطه أحد من أولئك الأمراء الذين يريدون الأمر لأنفسهم ولا خدموه وكان الفقيه عيسى الهلكاري معه فسعى مع المشطوب حتى أماله إليه وقال له إن هذا الأمر لا يصل إليك مع عين الدولة والحارمي وغيرهما ثم قصد الحامي وقال هذا صلاح الدين هو ابن اختك وعزه وملكه لك وقد استقام له الأمر فلا تكن أول من يسعى في إخراجه عنه ولا يصل اليك فمال إليه أيضا ثم فعل مثل هذا بالباقين وكلهم أطاع غير عين الدولة الباروقي فإنه قال أنا لا أخدم يوسف وعاد إلى نور الدين بالشام ومعه غيره من الأمراء وثبت قدم صلاح الدين ومع هذا فهو نائب عن نور الدين وكان نور الدين يكاتبه بالأمير الأسفهسلار ويكتب علامته على رأس الكتاب تعظيما عن أن يكتب اسمه وكان لا يفرده بكتاب بل يكتب الأمير الأسفهسلار صلاح الدين وكافة الأمراء

الصفحة 17