كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 19 @
الدين ومن معه وسيروا الكتب مع إنسان يثقون إليه وأقاموا ينتظرون جوابه وسار ذلك إلى القاصد إلى البئر البيضاء فلقيه إنسان تركماني فرأى معه نعلين جديدين فأخذهما منه وقال في نفسه لو كان مما يلبسه هذا الرجل لكانا خلقين فإنه رث الهيئة وارتاب به وبهما فأتى به صلاح الدين ففتقهما فرأى الكتاب فيهما فقرأه وسكت عليه وكان مقصود مؤتمن الخلافة أن يتحرك الفرنج إلى الديار المصرية فإذا وصلوا إليها خرج صلاح الدين في العساكر إلى قتالهم فيثور مؤتمن الخلافة بمن معه من المصريين على متخلفيهم فيقتلونهم ثم يخرجون بأجمعهم يتبعون صلاح الدين فيأتونه من وراء ظهره والفرنج من بين يديه فلا يبقى لهم باقية فلما قرأ الكتاب سأل عن كاتبه فقيل رجل يهودي فأحضر فأمر بضربه وتقريره فابتدأ وأسلم وأخبره الخبر وأخفى صلاح الدين الحال وأن مؤتمن الخلافة استشعر فلازم القصر ولم يخرج منه خوفا وإذا خرج لم يبعد من صلاح الدين وصلاح الدين لا يظهر له شيئا من الطلب لئلا ينكر ذلك فلما طال الأمر خرج من القصر إلى قرية له تعرف بالخرقانية للتنزه فلما علم به صلاح الدين أرسل إليه جماعة فأخذوه وقتلوه وأتوا برأسه وعزل جميع الخدم الذين يتولون أمر قصر الخلافة واستعمل على الجميع بهاء الدين قراقوش وهو خصي أبيض وكان لا يجري في القصر صغير ولا كبير إلا بأمره فغضب السودان لقتل مؤتمن الخلافة للجنسية ولأنه كان يتعصب لهم فحشدوا وجمعوا فزادت عدتهم على خمسين ألفا وقصدوا حرب الأجناد الصلاحية فاجتمع العسكر أيضا وقاتلوهم بين القصرين وكثر القتل في الفريقين فأرسل صلاح الدين إلى محلتهم االمعروفة بالمنصورة فأحرقها على أموالهم وأولادهم فلما أتاهم الخبر بذلك ولوا منهزمين فركبهم السيف وأخذت عليهم أفواه السكك فطلبوا الأمان بعد أن كثر فيهم القتل فأجيبوا إلى ذلك فأخرجوا من مصر إلا الجيزة فعبر اليهم شمس الدولة أخو صلاح الدين الأكبر في طائفة من العسكر فأبادهم بالسيف ولم يبق منهم إلا القليل الشريد وكفى الله تعالى شرهم والله أعلم
$ ذكر ملك شملة فارس واخراجه عنها $
في هذه السنة ملك شملة صاحب خوزستان بلاد فارس وأخرج عنها

الصفحة 19