كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 22 @

$ ثم دخلت سنة خمس وستين وخمسمائة $
$ ذكر حصر الفرنج دمياط $
في هذه السنة في صفر نزل الفرنج على مدينة دمياط من الديار المصرية وحصروها وكان الفرنج بالشام لما ملك أسد الدين شيركوه مصر قد خافوه وأيقنوا بالهلاك وكاتبوا الفرنج الذين بصقلية والأندلس وغيرها يستمدونهم ويعرفونهم ما تجدد من ملك الأتراك مصر وأنهم خائفون على البيت المقدس منهم فأرسلوا جماعة من القسوس والرهبان يحرضونهم على الحركة فأمدوهم بالأموال والرجال والسلاح واستعدوا للنزول على دمياط ظنا منهم أنهم يملكونها ويتخذونها ظهر يملكون به الديار المصرية { ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا } فإلى أن دخلوا كان أسد الدين قد مات وملك صلاح الدين فاجتمعوا عليها وحصروها وضيقوا على من بها فأرسل إليها صلاح الدين العساكر في النيل وحشر فيها كل من عنده وأمدهم بالأموال والسلاح والذخائر وأرسل إلى نور الدين يشكو ما هم فيه من المخافة ويقول إني إن تأخرت عن دمياط ملكها الفرنج وإن سرت إليها خلفني االمصريون في أهلها بالشر وخرجوا عن طاعتي وساروا في أثري والفرنج أمامي فلا يبقى لنا باقية فسير نور الدين العساكر إليه أرسالا يتلو بعضها بعضا ثم سار هو بنفسه إلى بلاد الفرنج الشامية فنهبها وأغار عليها واستباحها فوصلت الغارات إلى ما لم تكن تبلغه قبل لخلو البلاد من مانع فلما رأى الفرنج تتابع العساكر إلى مصر ودخول نور الدين إلى بلادهم ونهبها وتخريبها رجعوا خائبين لم يظفروا بشيء ووجدوا بلادهم خرابا وأهلها بين قتيل وأسير فكانوا موضع المثل خرجت النعامة تطلب قرنين رجعت بلا أذنين
وكانت مدة مقامهم على دمياط خمسين يوما

الصفحة 22