كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 3 @

$ ثم دخلت سنة اثنتين وستين وخمسمائة $
$ ذكر عود أسد الدين شيركوه $
قد ذكرنا سنة تسع وخمسين وخمسمائة مسير أسد الدين شيركوه إلى مصر وما كان منه وقفوله إلى الشام فلما وصل إلى الشام أقام على حاله في خدمة نور الدين إلى الآن وكان بعد عوده منها لا يزال يتحدث بها ويقصدها وكان عنده من الحرص على ذلك كثير فلما كان هذه السنة تجهز وسار في ربيه الآخر في جيش قوي وسير معه نور الدين جماعة من الأمراء فبلغت عدتهم ألفي فارس وكان كارها لذلم ولكن لما رأى جد أسد الدين في المسير لم يمكنه إلا يسير معه جمعا خوفا من حادث يتجدد عليهم فيضعف الإسلام فلما اجتمع معه عسكره سار إلى مصر على البر وترك بلاد الفرنج على يمينه فوصل الديار المصرية فقصد إطفيح وعبر النيل عندها إلى الجانب الغربي ونزل بالجيزة مقابل مصر وتصرف في البلاد الغربية وحكم عليها وأقام نيفا وخمسين يوما
وكان شاور لما بلغه مجيء أسد الدين إليهم قد أرسل إلى الفرنج يستنجدهم فأتوه على الصعب والذلول طمعا في ملكها وخوفا أن يملكها أسد الدين فلا يبقى لهم في بلادهم مقام معه ومع نور الدين فالرجاء يقودهم والخوف يسوقهم فلما وصلوا إلى مصر عبروا إلى الجانب الغربي وكان أسد الدين وعساكره قد ساروا إلى الصعيد فبلغ مكانا يعرف بالبابين وسارت العساكر المصرية والفرنج وراءه فأدركوه بها في الخامس والعشرين من جمادي الآخرة وكان أرسل إلى المصريين والفرنج جواسيس فعادوا إليه وأخبروه بكثرة عددهم وعددهم وجدهم في طلبه فعوم على قتالهم إلا أنه خاف من أصحابه أن تضعف نفوسهم عن القتال في هذا المقام الخطر الذي عطبهم فيه أقرب من سلامتهم لقلة عددهم وبعدهم عن أوطانهم

الصفحة 3