@ 31 @
وهكذا كان جميع بلاده من الشام ومصر ووصله وهو على الموصل يحاصرها خلعة من الخليفة المستضيء بأمر الله فلبسها ولما ملك الموصل خلعها على سيف الدين ابن اخيه وأمره وهو بالموصل بعمارة الجامع النوري وركب هو بنفسه إلى موضعه فرآه وصعد منارة مسجد أبي حاضر فأشرف منها على موضع الجامع فأمر أن يضاف إلى الأرض التي شاهدها ما يجاورها من الدور والحوانيت وأن لا يؤخذ منها شيء بغير اختيار أصحابه وولي الشيخ محمد لملا عمارته وكان من الصالحين الأخيار فاشترى الأملاك من أصحابها بأوفر الأثمان وعمره فخرج عليه أموال كثيرة وفرغ من عمارته سنة ثمان وستين وخمسمائة
وأما نور الدين فإنه عاد إلى الشام واستناب في قلعة الموصل خصيا كان له اسمه كمشتكين ولقبه سعد الدين وأمر سيف الدين أن لا ينفرد عنه بقليل من الأمور ولا بكثير وحكمه وأقطع مدينة سنجار لعماد الدين ابن اخيه قطب الدين فلما فعل ذلك قال كمال الدين بن الشهرزوري هذا طريق الى أذى يحصل ببيت أتابك لأن عماد الدين كبير لا يرى طاعة سيف الدين وسيف الدين هو الملك لا يرى الإغضاء لعماد الدين فيحصل الخلف ويطمع الأعداء فكان كذلك على ما نذكره سنة سبعين وخمسمائة وكان مقام نور الدين بالموصل أربعة وعشرين يوما واستصحب معه فخر الدين عبد المسيح وغير اسمه فسماه عبد الله وأقطعه إقطاعا كبيرا
$ ذكر غزو صلاح الدين بلاد الفرنج وفتح أيلة $
وفي هذه السنة سار صلاح الدين أيضا عن مصر إلى بلاد الفرنج فأغار على أعمال عسقلان والرمة وهجم على ربض غزة فنهبه وأتاه ملك الفرنج في قلة من العسكر مسرعين لرده عن البلاد فقاتلهم وهزمهم وأفلت ملك الفرنج بعد أن أشرف أن يؤخذ أسيرا وعاد إلى مصر وعمل مراكب مفصلة وحملها قطعا على الجمال في البر وقصد أيلة فجمع قطع المراكب وألقاها في البحر وحصر أيلة برا وبحرا وفتحها في العشر الأول من ربيع الآخر واستباح أهلها وما فيها وعاد الى مصر
$ ذكر ما اعتمده صلاح الدين بمصر هذه السنة $
كان بمصر دار للشحنة تسمى دار المعونة يحبس فيها من يريد جبسه فهدمها