كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 378 @
يحميها ولما سمع الفرنج في بلادهم بفتح دمياط على أصحابهم اقبلوا يهرعون من كل فج عميق واصبحت دار هجرتهم وعاد الملك المعظم صاحب دمشق الى الشام فخرب البيت المقدس في ذي القعدة من السنة وإنما فعل ذلك لأن الناس كافة خافوا الفرنج وأشرف الإسلام وكافة أهله وبلاده على خطة خسف في شرق الأرض وغربها وأقبل التتر من المشرق حتى وصلوا إلى نواحي العراق وأذربيجان وأران وغيرها على ما نذكره إن شاء الله تعالى
واقبل الفرنج من المغرب فملكوا مثل دمياط في الديار المصرية مع عدم الحصون المانعة بها من الأعداء وأشرف على سائر البلاد بمصر والشام وصاروا يتوقعون البلاء صباحا ومساء وأراد أهل مصر الجلاء عن بلادهم خوفا من العدو ولات حين مناص والعدو قد أحاط بهم من كل جانب ولو مكنهم الكامل من ذلك لتركوا البلاد خاوية على عروشها وإنما منعوا منه فثبتوا وتابع الملك الكامل كتبه إلى أخويه المعظم صاحب دمشق والملك الأشرف موسى بن العادل صاحب ديار الجزيرة وأرمينية وغيرهما يستنجدهما ويحثهما على الحضور بأنفسهما فإن لم يمكن فيرسلان العساكر إليه فسار صاحب دمشق إلى الأشرف بنفسه فرآه مشغولا عن انجاده بما دهمه من اختلاف الكلمة عليه وزوال الطاعة عن كثير ممن كان يطيعه ونحن نذكر ذلك سنة خمس عشرة وستمائة إن شاء الله عند وفاة الملك القاهر صاحب الموصل فليطلب من هناك فعذره وعاد عنه وبقي الأمر كذلك مع الفرنج فأمر الملك الأشرف فزال الخلف من بلاده ورجع الملوك الخارجون عن طاعته إليه واستقامت له الأمور الى سنة ثمان عشرة وستمائة والملك الكامل مقابل الفرنج فلما دخلت سنة ثمان عشرة وستمائة علو بزوال المانع للأشرف عن انجاده فأرسل الى دمشق فيمن معه من العساكر والعود إلى بلاده خوفا من اختلاف يحدث فلم يقبل قولهم
وقال قد خرجت للجهاد ولا بد من إتمام ذلك العزم فسار إلى مصر وكان الفرنج قد ساروا عن دمياط الفارس والراجل وقصدوا الملك الكامل ونزلوا مقابله بينهما خليج من النيل يسمى بحر أشمون وهم يرمون بالمنجنيق والجرخ إلى عسكر المسلمين وقد تيقنوا هم وكل الناس أنهم يملكون الديار المصرية وأما الأشرف فإنه

الصفحة 378